هاني مسهور يكتب:

قطر والحوثي دُمى بيد شيطان

مشهد لا جديد فيه، عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة الإرهابية في اليمن، ومن على شاشة قناة الجزيرة القطرية، يتوعد بإطلاق الصواريخ على المملكة العربية السعودية، مشهد متكرر يُعيدنا إلى عام 2001م، ذات القناة (الجزيرة)، ومن دولة قطر، يظهر أسامة بن لادن مهدداً ومتوعداً الولايات المتحدة الأميركية بهجمات إرهابية، تضرب عواصم أوروبا والعالم، بعد أن نفّذ هجوماً إرهابياً، ضرب مركز التجارة العالمي في نيويورك الأميركية، لم يتغير المشهد إطلاقاً، الحوثي على شاشة الجزيرة القطرية، كما كان بن لادن والظواهري وحسن نصر الله وأبو بكر البغدادي، وعشرات من رؤوس الإرهاب في العالم، يجدون عند منصة قناة الجزيرة القطرية نافذة، ليرسلوا للعالم تهديداتهم بنشر الرعب والتدمير، تعددت الوجوه الإرهابية، وبقيت قناة الجزيرة نافذة وحيدة لإيصال صوت الإرهاب للعالم.

في عام 1982م، توفرت لإيران أول فرصة لإنشاء ذراع من أذرعتها الخارجية، أي أنه بعد ثلاث سنوات من نجاح الثورة الخومينية، فلقد اجتاحت إسرائيل لبنان، وحاصرت العاصمة بيروت، توفرت فرصة نشوء مقاومة شيعية، في ظهور مُعلن لقوى شيعية في المنطقة، كثير من الظروف ساهمت بقبول المقاومة تلك وكل أنواعها، نظراً لتداعيات الاجتياح الإسرائيلي، وما ألحقه من تأثيرات سياسية مختلفة.

على مدى سنوات تالية، لعب (حزب الله) دوراً هاماً، خاصة بعد ظهور ما سُمي بمحور المقاومة، الذي قادته إيران، وأخذت تنطلق به نحو صنع آفاق سياسية، تضاربت فيها الأهداف، والتي تَكشفت لاحقاً، فيما يسمى (الهلال الشيعي)، وهي رغبة إيران بالتمدد إلى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان، وقد أوكل إلى (حزب الله)، دوراً رئيساً في هذا الجانب، فلقد توغل الحزب في هيكل الدولة اللبنانية، وكان التحول الأكثر أهمية في الألفية الجديدة، التي شهدت اغتيال الرئيس رفيق الحريري (فبراير 2005م)، فلقد كانت تلك الحادثة مفتاحاً لأحداث توالت على لبنان والشرق الأوسط، كانت فيها قطر لاعباً لا يمكن تجاهله أبداً.

بينما ظهرت قطر في جنوبي لبنان، بعد هزيمة (حزب الله) في 2006م، كان هنالك ظهور آخر في الدوحة، عندما شرعنت قطر لجماعة الحوثي، حضورها في المشهد السياسي اليمني، فلقد رعت الدوحة، اتفاقاً بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي، لوقف الحرب بينهما، كان المشهد خارج المألوف، على الأقل أن طرفي الاتفاق، شمل جماعة غير سياسية، مع الدولة اليمنية، ما حدث في 2004م، كان مفتاحاً لكل تداعيات اليمن السياسية لاحقاً، فلقد أوجد ذلك الاتفاق، مكوناً سياسياً فرض نفسه بالتمرد على السلطة.

كالبعير الذي انفلت من عِقاله، خرج الحوثي من صعّدة، ليجتاح المحافظات الشمالية بعد ثورة 2011م، يذكر ناشط حوثي، أن قطر كانت تريد من الحوثي أن يُشكل قوة على الحدود السعودية اليمنية، كما هو حزب الله في جنوب لبنان، أما لماذا تريد قطر ذلك، فالحقيقة ليست قطر التي ترغب بذلك، بل هي إيران، في إطار سعيها لتحقيق الهلال الشيعي، حتى أنها ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال العمل على زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، والتآمر لنقل الفوضى إلى مملكة البحرين.

الحوثي نجح في إسقاط صنعاء (سبتمبر 2014م)، هنا، ظهرت قطر في المشهد الأكثر سخونةً على الإطلاق، فبينما تحكم مليشيا الحوثي حصارها على منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه خالد بحاح، تنتقل قيادات حزب التجمع اليمني، إلى معقل الحوثيين في صعّدة، وهناك ترعى قطر اتفاق (السلم والتعايش)، والذي يقضي بإزاحة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح عن السلطة السياسية، وتعود القوى الوطنية إلى محاصصة، تُسقط بموجبها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبذلك، تتخلص كل القوى السياسية من تبعات، ما التزمت به منذ توقيع المبادرة الخليجية في 2011م.

تُمسك الدوحة بأطراف سياسية يمنية (جماعة الحوثي وإخوان اليمن)، وتقدم لكل الأطراف دعماً مالياً وسياسياً سخياً جداً، تسبب في غرق السفينة اليمنية في حرب لم تُبقِ شيئاً من الأعراف والقيم، وتحول اليمن لمعضلة تشابكت فيها الأطراف، لدرجة أنها لم تعد قادرة على تفكيكها.

حالة الاحتفاء عند دُمى إيران، بعد استهداف الحوثي للمدن السعودية بالصواريخ البالستية، والتي فتحت لها شاشة قناة الجزيرة القطرية كل ساعات البث، تؤكد أن الأدوات الإيرانية الشيطانية، لن ترتدع إلا بردع الشيطان الأكبر في طهران، بإعادة العقوبات الدولية على إيران، بعد خرقها للاتفاق النووي، واستخدامها لمليارات الدولارات في زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، وخرق القرارات الدولية التي تمنع تسليح الحوثيين بالسلاح.

*- البيان