ردا على الكاتب أحمد عبده ناشر
الافتراء على المقاومة الجنوبية
كتب السيد أحمد عبده ناشر مقالاً على صفحات هذه الجريدة الموقرة "الشرق" بعنوان: "داعش اللعبة المكشوفة!"، إلا أن الأفظع من كل ذلك يتمثل في محاولة الكاتب ربط "الحراك الجنوبي" بالمشروع الإيراني في المنطقة! متهماً إياه بأنه كان "معرقلاً" لسير العمليات العسكرية لعاصفة الحزم! بل إن الكاتب ذهب به منطقه المختل إلى حد القول حرفياً: وكذلك الحراك الذي هو جزء من المثلث الإيراني، ويسعى لإقامة أرض خصبة لتصدير الإرهاب، فالحراك والجماعات الإرهابية هي الشيطان القادم في اليمن ومن يعرقل القضاء على الحوثيين وحلفائهم!
هذه الاتهامات الجوفاء تجاه الحراك الجنوبي وبهذا المنطق اللاواع تماما بما يحدث على أرض الواقع، يمكن أن تصدقها عينة من البشر لا ترتبط بالواقع نهائياً، ولا يمكن لها إلا أن تكون قد "نامت" في كهوفها كنومة أهل الكهف ثم استيقظت فجأة على مقال السيد ناشر كمصدر وحيد للتعرف على ما يحدث في اليمن على أرض الواقع!
ما يعني أننا نطرح هنا تساؤلاً جاداً إن كان هذا الكاتب "يعي" ما يقول؟ أم أن موقفه من "قضية الجنوب" ومن الحراك الجنوبي هو المسؤول الأول عن حالة العمى التي أصابته وجعلته يخرج تماماً عن سمة المتابع المنصف لمجريات الحرب وتطوراتها العسكرية منذ انطلاق عاصفة الحزم حتى يومنا هذا؟!
السيد ناشر.. جعل الحراك الجنوبي "المعرقل" لسير العمليات العسكرية تجاه الحوثيين! هل يمكن لعاقل متابع أن يصدق هذا؟ لقد نسي صاحبنا أو تناسى أن "المقاومة الجنوبية" الذراع العسكرية للحراك الجنوبي كانت وما زالت الرقم الصعب عسكرياً على مستوى المعارك البرية منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم حتى اليوم، ولا أدل على ذلك من حجم الانتصارات العسكرية "الحاسمة" التي حققتها المقاومة الجنوبية على كامل المساحة الجغرافية للجنوب، وهي مساحة كبيرة لا تقارن بالمساحة التي يفترض أن يكون فيها "الجيش اليمني" التابع للشرعية بقيادة أركان الحرب اللواء المقدشي قد حققها!
هذا إن تجاهلنا حجم الدعم الهائل بالمال والسلاح الذي تحصل عليه الجيش اليمني من قبل دول التحالف مقارنة بما كان في حوزة المقاومة الجنوبية من عتاد قليل وقليل جداً، كما أنني لست بحاجة لتقديم الأدلة على ذلك، لأن هذه الأدلة باتت واقعاً يتحدث عنه نفسه ويقول إن الجنوب اليوم بات حراً وخالياً من وجود أي جندي حوثي.. ولا أعلم إن كان السيد ناشر يتابع فعلياً الأحداث وما يقال حول إنجازات "المقاومة الجنوبية" من قبل مختلف الخبراء العسكريين على المستويين العربي والخليجي أم لا؟
مقارنة الانتصارات العسكرية التي حققتها المقاومة الجنوبية والتي كانت رأس الحربة في كسر شوكة المشروع الإيراني في جنوب الجزيرة العربية وضعت "إنجازات" الجيش اليمني في حقيقة الأمر في حالة يرثى لها حتى باتت مصدراً خصباً للتندر وضرب الأمثال على الركود والسكون العسكري واللامبالاة والابتزاز المالي والفساد.. حتى يبدو للمتابع المنصف أن "جني الأموال" لرموز هذه القوات بات الهدف الرئيسي لها وليس هدف تحرير بقية المناطق اليمنية وأهم مدنها كصنعاء العاصمة وتعز.
أما الفرية الثانية التي تفضل بها الكاتب على الحراك الجنوبي هي جعله في كفة واحدة مع "الجماعات الإرهابية" كمثل داعش! ونسي أو تناسى أيضاً أن "داعش" التي هي فعلاً صنيعة إيران كانت ومازالت في حالة حرب حقيقية مع المقاومة الجنوبية بشكل خاص ومع الجنوبيين بشكل عام، وهي حالة مواجهة فريدة لأنها – أي داعش – لم تتعرض لأي جندي حوثي ولو بالخطأ في أي عملية إرهابية من عملياتها الإجرامية حتى في تلك المرحلة التي كانت فيها جماعة الحوثي وصالح تسيطر على مدينة عدن! يومها لم تقم "داعش" بأي عملية استشهادية!! تجاه أي نقطة من نقاط التفتيش الحوثية التي كانت منتشرة في مدينة عدن. في حين أن جميع عملياتها الإرهابية كانت موجهة للقوات الجنوبية في مرحلة ما بعد التحرير!
فكيف يمكن لمنطق الكاتب الأعوج أن يفسر لنا هذه الحالة؟! لقد نفذت داعش أكثر من خمس عمليات إرهابية من النوعية التي يمكن وصفها بالكارثية، وكانت جميعها ضد القوات الجنوبية مستهدفة من خلالها تجمعات بشرية لهذه القوات في هذه المنطقة أو تلك.
السيد ناشر... نرجو أن تبقى الحقيقة أمانة في أعناقنا جميعاً، محاولين أن نقدمها كما هي للقارئ الكريم، مدركين أن ثورة المعلومات التي باتت حصناً منيعاً تجاه أي مغالطات قد يعتقد صاحب هذا المقال أو ذاك إمكانية تمريره على حين غرة إلى ذهنية قارئ كريم.