أحمد الفراج يكتب:
ترمب و«هيئة مراسلي البيت الأبيض»!
يعتبر حفل مراسلي البيت الأبيض تقليدا أمريكيا عريقا، إذ يقام في واشنطن كل عام، والحفل تقيمه «هيئة مراسلي البيت الأبيض»، وهي هيئة تجمع معظم الإعلاميين المكلفين بتغطية نشاط البيت الأبيض، والرئيس الأمريكي تحديدا، وقد تأسست الهيئة في عام 1914، عندما شعر الصحفيون، المكلفون بتغطية نشاطات الرئيس، ودرو ويلسون، أن لجنة في الكونجرس تنوي تحديد أسماء معينة، لتغطية نشاط الرئيس، وهو الأمر الذي لا يتماشى مع مفهوم حرية الصحافة وحرية الحديث، ومن أهم أهداف الهيئة، أنها تساهم في تسهيل تغطية نشاطات الرئيس، ووضعه الصحي، وتتأكد أن كل شئ يسير كما ينبغي، في غرفة اللقاءات الصحفية، داخل البيت الأبيض، ثم وفي مرحلة لاحقة، تطور نشاط الهيئة، وأصبحت تقيم حفلا سنويا، في آخر يوم سبت، من شهر إبريل كل عام، في فندق الهيلتون في واشنطن دي سي، ويحضره الرئيس ونائبه!.
سار هذا التقليد العريق كما خطط له، وقد حضر حفلاته خمسة عشر رئيسا أمريكيا، بداية من الرئيس، كالفين كولدج، في عام 1924، حتى باراك اوباما، والغريب أن هذا الحفل كان مقصورا على الرجال، حتى العام 1962، عندما أثارت الصحفية الشهيرة والمشاكسة، الأمريكية من أصل لبناني، هيلين توماس، هذا الأمر، وحينها رفض الرئيس جون كينيدي، حضور الحفل، ما لم يسمح للسيدات بالحضور، وهو الأمر الذي حدث، وسبق أن كتبت سلسلة مقالات، في هذه الصحيفة الموقرة، عن الصحفية هيلين توماس، أشهر مراسلي البيت الأبيض، والتي لها تاريخ عريق، مع كثير من الرؤساء، الذين كانوا ينجذبون لها، ويخافون سطوتها في ذات الوقت، وكان ذلك في أوج ازدهار إعلام أمريكا الحر، الذي شهد سطوع نجم إعلاميين كبار، من شاكلة سام دينيلدسون، وبيتر جيننقز، وتوم برونكو، وبات بوكانن، وتيد كابل، وغيرهم كثير!.
لم يلغ هذا الحفل السنوي، طيلة قرن تقريباً، إلا ثلاث مرات، كانت الأولى في عام 1930، بسبب وفاة الرئيس السابق، وليام هاورد تافت، وفي عام 1942، بسبب دخول أمريكا معترك الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1951، بسبب الأحوال غير المستقرة حول العالم، وغني عن القول، أن هذا الحفل، الذي يساهم ريعه في منح دراسية للطلاب المتميزين في مجال الإعلام، كان عبارة عن حفل موسيقي، ثم تطور لاحقا، حيث يستضيف كوميديان شهير، يلذع الرئيس وإدارته والساسة الآخرين بقوة، حيث لا يبقي ولا يذر، وكثيرا ما تسبب ذلك في إثارة الإشكالات، كما أن هناك فقرة، حيث يتحدث الرئيس، ويتحول إلى كوميديان، ولا يوفر حتى نفسه من النقد، من أجل إسعاد الحاضرين، وهناك مواقف مشهودة حدثت بهذا الخصوص، وكان لها آثار بالغة، وسنتحدث عن ذلك في مقال منفصل، ونتوسع في أسباب مقاطعة الرئيس الحالي، دونالد ترمب، لهذا الحفل العريق، للسنة الثانية على التوالي!.
*نقلا عن صحيفة "الجزيرة".