مشعل السديري يكتب:
الجنّي لا يتلبّس جنيّاً مثله
اللحية مثلما يقول البعض هي (زينة الرجل) - طبعاً إذا كانت نظيفة ومنسّقة، وليست مثل لحية رجل أوروبي يتباهى بأنه حصل على الرقم القياسي في طول لحيته التي زادت على 60 سنتيمتراً، وهناك رجال دين أتقياء يربونها لأنها سنّة حسنة، ورجال يربونها لأنها عنوان الرجولة والشهامة - وهذه كلها لا غبار عليها، بل إنني أشجعها وأقول: اللهم زد وبارك.
غير أن ما يرفع ضغطي انتشار ظاهرة إطلاق اللحى بين الشباب، فاختلط الحابل بالنابل، وأصبحنا لا نعرف الصالح مِن الطالح.
وأكبر دليل ومثال هو ما فعله عميل الاستخبارات الأميركي (توم دانيال)، الذي أطلق لحيته وانضم لـ(القاعدة) تحت اسم (تيسير عبد الهادي)، وكان له الدور الرئيسي في اغتيال أبو مصعب الزرقاوي وأبو أيوب المصري.
وتحضرني الآن قصة خيالية، جاء فيها أن طائراً حطّ على بركة ماء ليشرب فوجد أطفالاً بالقرب منها، فانتظر حتى غادر الأطفال وابتعدوا، ولكن جاء رجل ذو لحية إلى البركة، فقال الطائر في نفسه: هذا رجل وقور ولا يمكن أن يؤذيني، فنزل إلى البركة، فرمى الرجل الطائر بحجر ففقأ عينه!! فذهب الطائر إلى نبي الله سليمان شاكياً... استدعى النبي الرجل وسأله: ألك حاجة عند هذا الطائر ورميته؟! قال: لا، فأصدر النبي حكماً بفقء عين الرجل، ولكن الطائر اعترض قائلاً: إن عين الرجل لم تؤذِني، بل اللحية هي التي خدعتني، لذا أطالب بقص لحيته حتى لا ينخدع بها غيري!!
لو حضر هذا الطائر في زماننا، ترى كم لحية سيطالب بقصها؟! - انتهى.
كما تحضرني أيضاً حادثة القاضي في المدينة المنورة صاحب اللحية الكثة، الذي لهف خلال تسعة أعوام (280) مليون ريال - أي بمعدل (30) مليوناً كل سنة تقريباً، وتبريره المضحك الذي يبعث على الغثيان أنه كان لا يعي ما كان يفعله، لأن (جنيّاً) قد تلبسه، وما زالت القضية متداولة البحث بين التبرئة والإدانة، لأنه، حسب ما قاله الكاتب في جريدة «عكاظ» حمود أبو طالب، متوقف على استئناف (الجنّي) للحكم!!
وهناك أشعار قديمة كثيرة في هذا الصدد، ليس هذا مجال لذكرها.
ولكي لا يُساء فهم قصدي، فاللحى التي أعنيها هي اللحى التي على شاكلة صاحب الرقم القياسي، ولحية رجل الاستخبارات، ولحية القاضي الذي تلبسه الجنّي، وكل من سار على دربهم - وما أكثرهم.
ولا أدري إلى الآن ماذا سوف أهبب، لو أن جنيّاً قد تلبسني؟! مع أنني أشك أن يحصل ذلك، لأن الجنّي لا يتلبس جنيّاً مثله.