ضحايا المديح الذي صدقوه

رسامو اللحظة الراهنة

هل أخطأ الرسامون العرب الطريق إلى الرسم؟ سؤال يظل حائرا في ظل غياب النقد الفني الذي ضاع هو الآخر في متاهة الجهل، في كل ما نسمع، فنقاد الفن العرب نادرا ما يكتبون، لا نشعر أن هناك صدقا.

وإذا ما عزفنا عن الاتهام بالكذب، فإن ما نسمعه لا ينم إلا عن عدم معرفة بالفن ومن خلاله بالجمال، بطريقة أو بأخرى يمكن اعتبار الرسامين ضحايا لعمليات تضليل، صار نقاد الفن يمارسونها علنا. وإذا ما كان عدد نقاد الفن الحقيقيين قد تضاءل إلى درجة الشعور بالإحباط، فإن مروجي الظاهرات الفنية في الصحف في تزايد ملحوظ.

لا تخلو مطبوعة من مقالة أو أكثر عن الفن التشكيلي، غير أن ما صرنا نقرأه يتشابه من جهة تطابقه مع ما تقوله المؤسسات والصالات الفنية التي ترعى فنا رديئا، كما لو أن كتاب تلك المقالات هم لسان تلك المؤسسات والصالات.

أما الفنان، وهنا أقصد جمهرة الرسامين الجدد، فإنه صار أشبه بالشاة التي تتم إحاطتها بالدلال إلى أن يحين وقت ذبحها، لقد اكتشفت تلك المؤسسات أن النقد في مجتمع غير نقدي يمكن تسييره والتحكم به، لذلك سعت إلى عزل النقاد الجادين، باعتبارهم أعداء لخيارها في اللحاق بركب ما بعد الحداثة واستبدلتهم بكتاب، يمكن تركيبهم وفق مزاجها.

نقاد الفن الجدد في العالم العربي هم مجرد كائنات تمكن منها الزيف، فهي لا تدرك معنى وظيفتها وهي في الوقت نفسه لا تتعفف في الخوض في ما لا تفهم فيه، وهو ما قادنا إلى المكان الذي لم يعد فيه الحوار ممكنا.

لقد صار الجهلة هم سادة الكلام في الشأن الفني، ما لم نعد نفهمه من الصعب أن يفهمه الرسامون وهم ضحايا المديح الذي صدقوه، لذلك فإن الرسم في العالم العربي اليوم في أسوأ حالاته، وهي الحقيقة التي لا يرغب أحد في سماعها.

بالتأكيد هناك اليوم رسامون عرب حقيقيون، ولكن النقد الفني المتاح لن ينصفهم.

كاتب من العراق