محمد ناصر العولقي يكتب:

عاصفة الخيبة

ثمة رائحة خيبة أمل من حصيلة الواقع الجنوبي المنجزة خلال السنوات الثلاث الماضية وهي خيبة أمل يشترك فيها كثير من الجنوبيين الذين كانت طموحاتهم وآمالهم تتجاوز آفاق ومعطيات الحالة الجنوبية كما آلت إليه وضعا خدماتيا وعاما وإدارة وقضية وقيادة وكوادر وناشطين وظروفا ذاتية وموضوعية محيطة ، ولا غرو أن هذه الخيبة قد أضرت بالصورة التي كنا نتصورها في أذهاننا ونأملها ونتمناها كما رسمتها خطابات وأدبيات قوى وفعاليات ومكونات الحراك الجنوبي والمناضلين الجنوبيين المستقلين خلال سنوات النضال السلمي للقضية الجنوبية بل وحتى الشرعية والتحالف العربي . 

ومن المعلوم أن ثمة عوامل عديدة تضافرت لتتسبب في خلق خيبة الأمل هذه بعضها ذاتي يتحمل مسؤليته الجنوبيون أنفسهم والتشتت في ولاءاتهم بين هذا وذاك وغياب المستوعبة الموحدة التي تمتلك القدرة والإمكانية والسيطرة على كافة التشكيلات الجنوبية المدنية والعسكرية الفاعلة في مناطق ومحافظات الجنوب وبعضها خارجي يعود الى كثافة وحجم الاستهداف الكبير الذي لم يبرح قائما ضد القضية الجنوبية وعلى وجه التحديد ضد تمكين الجنوب من امتلاك قراره الاستراتيجي وخياره في تقرير مصيره بحرية بشأن البقاء ضمن دولة الوحدة المتنازعة الأوصال أو استعادة دولته ووطنه جمهورية اليمن الديمقراطية في حدود عام 1990م .

وعلى ما يبدو فإن خيبة الأمل الجنوبية سوف تزداد وتتسع أكثر مع ازدياد العجز الجنوبي عن لملمة الذات المتشظية وغياب الوعي الجمعي لدى قيادات الجنوب ونخبه وناشطيه بضرورة الارتقاء الى مستوى التحدي والتضحية بالمصالح والنزعات الأنانية وشهوة الاستحواذ على القيادة وذهنية الادعاء بامتلاك الحقيقة كما ستزداد خيبة الأمل كذلك باستمرار استهداف الآخر للقضية الجنوبية وهو استهداف بقدر ما يضر القضية الجنوبية فإنه يضر بشكل أكبر أيضا القوى والجهات الضالعة فيه ويضر أمن واستقرار اليمن والمنطقة ومستقبل الشعبين في الشمال والجنوب وعلى هذه القوى والجهات الضالعة في استهداف الجنوب وقضيته ومستقبله أن تعي بأن وضع العراقيل وإشعال الفتن والحرائق في طريق الجنوب ليس الوسيلة المناسبة لإطفاء النيران وأن الطريق الأمثل هو فهم واستيعاب رغبة الجنوبيين واحترامها .

فإما شعب متحاب متوافق في دولتين مستقرتين ومتعاونتين وإما شعب متحارب متنافر في دولة مهترئة لا تقوم لها قائمة .