حفل زفاف لشابين رائعين ينتهي بمأساة ومأتم
عدن مدينة (مفكوكة) الفوضى والوجع !
ليلة الخميس 23 فبراير 2017م قضيت أمسية سعيدة جدا مع عائلتي في حفل زفاف أصهارنا بعدن , لكن هذه الأمسية لم تنته كما كان متوقعا , حفل زفاف لشابين رائعين ينتهي بمأساة ومأتم والسبب فوضى وجنون السلاح في المدينة والتي كانت لسنوات كعبة السلام والمدنية والتحضر , نحج إليها جميعا وتبقى على الدوام أيقونة خالدة للحياة الهادئة لولا العبث الممنهج الذي مورس ضدها لسنوات وهاهو تفاقم وبلغ مداه خصوصا بعد الحرب الأخيرة والتي شوهت معالم المدينة لا بل أرواح ساكنيها على نحو مؤسف حقا !
هذه الظواهر السلبية التي تطعن عدن في خاصرتها المتمدنة وتاريخها المشرف للأسف تفاقمت بشكل درامي ومن سيقوم بإحصاء سريع لضحايا السلاح والرصاص الراجع في السنوات القليلة الماضية في هذه المدينة سيحمل ملف مفخخ جدا سينفجر به أشلاء .. أشلاء بقصص مؤلمة لضحايا وحيوات لاتعد ولا تحصى .
ربما من شدة الصدمة ( شخصيا) لا أقوى الآن سرد فاجعة الأمس بالتفصيل المؤلم وكما حدثت فعلا , ربما هي ذات القصة التي تتكرر في كل مناسبة زواج اطلاق نار هستيري لأداة موت يتم التعبير بها عن الفرح في عالم أصبح غريب التناقض ولا تجيد قراءة وفك شفرات أبجدياته , ربما تحاول الهروب من القراءة العميقة لهذا الواقع ( المفكوك) على مصراعيه للفوضى والوجع في المدينة التي تلفها فوضى السلاح والأمن والإستهتار بإنسانها التي تُمارس ضده كل الجرائم أبشعها القتل , وما الإختناق في طوابير السيارات بحثا عن بترول أو الموت انتظارا للكهرباء وللرواتب ولتوفير أهم الخدمات والحقوق , إلا ضمن قائمة تلك الجرائم والتي يبقى ترتيبها الأقل أوالأشد بشاعة تُترك حسب الذائقة العامة للإنسان المهدور فينا .
في حفل الزفاف يوم أمس يتم اطلاق النار احتفاءا بالمناسبة وهذا الفعل الخاطىء تم الرد عليه بفعل أبشع حين قام جنود معسكر قريب من بيت العروسين بإطلاق النار لإجبار الشباب على التوقف عن الضرب , لم يتوقفوا واستمر الطرفان بضرب النار لينتهي الأمر بثلاث طلقات رصاص ( حسب الشهود) يتم تصويبها إلى سيارة العروس , يتم إصابتها بسبب الزجاج المتكسر من السيارة , تغطي الدماء فستان الفرح الناصع البياض , يقتل والد العريس والذي هو أيضا عم العروس ( أخو والدها).
بمنتهى البجاحة يتم إجبار بعض الشباب الطائش على إيقاف اطلاق النار بجريمة قتل بشعة وبصدمة مدوية للجميع , عوضا مثلا عن اعتقال من اطلق النار أو تسديد غرامة ما , أو حتى سجن العريس في ليلة زفافه , لكن هذا الطيش والطيش المقابل إلى متى !
من يتحمل المسؤلية هنا ! وهل حقا يوجد هنا من يتحمل مسؤليته أصلا أم أن رحى ( العبث) ستستمر في حصد الأرواح بكل أشكال الحرب المختلفة .
هذه ( عدن) الغريبة جدا جدا عن المدينة التي نعرفها وتعلمنا منها أشكال التمدن والحضارة والنظام والقانون وإحترام الحياة والإنسان .
رموز عدن المدنية ( أفرادا ومؤسسات ووو) عليها أن تكن صمام أمان للذوذ عن حمى هذا المجتمع ومحاربة كل أشكال الفساد فيه وكل الظواهر الدخيلة التي تستهدف الإنسان هذا الكائن العظيم والذي لايستحق سوى الحياة بكرامة وحرية , فالمزيد من الموت يقوض كل الفرص المتاحة لمستقبل أفضل !
شيماء باسيد