د. علوي عمر بن فريد يكتب:

الجنوبيون وصراعاتهم العبثية !!

الجنوبيون عندما نالوا الاستقلال لم يدركوا حينذاك إن لديهم وطن رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، تتوفر فيه كل مقومات الدولة الناشئة المترامية الأطراف ، من حيث المساحة الكبيرة ،والثروات النفطية ،والغازية والمعدنية، والبحار المليئة بالثروات السمكية ،والموانئ الدولية الهامة، ويأتي في طليعتها ميناء عدن الاستراتيجي، الذي يقع على ملتقى الشرق والغرب ..كما تطل موانئ المكلا وبير علي ونشطون ،على بحر العرب .
لم يدركوا أن لديهم رأسمال بشري يبني الاقتصاد من العدم في طليعته الرجال الحضارم الذين يتمتعون بعقليات تجارية فذة ويحولون التراب إلى ذهب بمهارتهم وعبقريتهم .. إلى جانب رجال شجعان من شبوه ويافع والمهره وأبين ولحج ..وعدن بمدنيتها التي سبقت سائر مناطق الجنوب الأخرى علما وحضارة ورقيا !!
لم يدرك الجنوبيون أنهم بعد خروج بريطانيا قد ورثوا عنها أفضل الأنظمة الإدارية في الشرق الأوسط !!
فماذا فعلوا بها و بوطنهم وأبناء جلدتهم عندما نالوا الاستقلال ؟؟؟
لقد قامت الجبهة القومية بإقصاء كل الطيف السياسي الجنوبي وانتهج وريثها : (الحزب الاشتراكي اليمني ) الماركسية ، ومارس أعمال القتل العلني ،ضد المواطنين، وأمموا الأراضي الزراعية والمساكن، وانتهجوا التطرف والتبعية في السياسة الخارجية، وأدمنوا الصراعات الداخلية واغتيال رفاقهم.. فدمرتهم نظرتهم القصيرة المدى ودمرت الجنوب وسلموه لقمة سائغة لقوى التخلف والظلام!!
واليوم يكرر أبناء الجنوب نفس الخطأ والخطيئة ولم يعتبروا ولا زالوا يتمسكون بالمناطقية والقبلية والتطرف وان بصور أخرى... تجاذبات ومهاترات وصراعات على الوظائف وعلى المصالح و أضاعوا التصور الاستراتيجي لبناء وطن كبير فيه كل إمكانيات الخير والتقدم.
ومن المفارقات العجيبة إن كافة القوى السياسية في الجنوب يتفقون على استعادة الدولة والوطن الجنوبي بحدود ما قبل عام 1990مومع ذلك لا زالوا أسرى الماضي الدامي
ولكن هل سأل أي جنوبي نفسه :لماذا الشماليون بمختلف أطيافهم السياسية اليسارية واليمينية والدينية والطائفية والعسكرية والقبلية متوحدون أمام الجنوب ..واعتباره جزء لا يتجزأ من ممتلكاتهم رغم خلافاتهم وتبايناتهم إلا أنهم سرعان ما يتركونها من اجل أن يبقى الجنوب تحت إدارتهم ووصايتهم !!
وفي المقابل نجد الجنوبيين لا زالوا أسرى الماضي ويستجرون خلافاته وأحقاده ولم يتفقوا على بناء وحدة وطنية حقيقة تضمن استعادة دولة الجنوب ونجدهم منقسمون تحت عناوين : الثورة والرجعية والثورة المضادة والعمالة واليمين واليسار والطغمة والزمرة وأصحاب الفيدرالية وجنوب عربي الخ ..
كل تلك الأمور ما هي إلا عناوين وشماعات تخفي تحت عباءتها نزغ وأطماع الذات الجنوبية للوصول إلى السلطة ولم نتعلم من دروس الماضي رغم ما مر علينا من تجارب حيث يشهر كل طرف سلاحه في وجه الآخر عند أول خلاف!!
ما أشبه الليلة بالبارحة إنهم يكررون نفس الأخطاء القاتلة و ليس لديهم الصبر والإخوة الحقيقية ولا يمتلكون غير الخداع والعقلية التآمرية ضد بعضهم البعض !!
إنني أدعو كل أبناء الجنوب من على هذا المنبر الحر أن يعودوا إلى رشدهم ويحكموا عقولهم
فالوطن يتسع للجميع وهو بحاجة إلى بناء جيش واحد وامن واحد وإدارة واعية وبرجال نظرتهم صادقة للوطن وطموحهم كبير بحجم هذا الوطن !!
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هو: أين كنا ..وأين أصبحنا؟؟
عشية الاستقلال الدينار يساوي 2.13281 غرام من الذهب الصافي. هذا يساوي بعملة اليوم ....
83.18 دولار ويساوي ....
83.18x 520 =
43235 ريال يمني راتب موظف أي أن موظف اليوم يحصل على دينار جنوبي بعملة 1967 فأي انهيار هذا للعملة والقيم الإنسانية!!!
فكيف نتجاوز تلك الانتكاسات ؟؟
إن استعادة العملة الوطنية لبغض ما فقدته لن يكون إلا بعد توقف الحرب وعودة حركة الاستثمار وتدفق العملات الأجنبية وتدفق المساعدات والقروض وتصدير النفط والغاز !!
علينا نبذ الخلافات وبناء أجهزة الدولة بناءا مهنيا وليس مناطقيا قبليا فذلك فيه كل الشر على الجنوب حاضرا ومستقبلا.
البلاد اليوم ممزقة بين عدة جيوش وقوات وإدارات وتعج بالقتله والمجرمين وبعديمي الكفاءة والمؤهلات.. اللهم إلا لأنهم ينتمون لهذا الطرف أو ذاك.
فهل آن الأوان لوقف هذا العبث ؟؟؟