نبيل الصوفي يكتب:

عدن.. من روح الله

إلى عدن أو فيها، تمر بنقاط ممتدة، في ظروف الحرب يُفتشون سيارتك بأفضل مما قد يفعل معك أصغر حوثي بجوار بيتك في صنعاء أو في ذمار أو في عمران..
تزور عدن وتسمع صوت المدينة المنفوخ روحها من "روح الله" وهي تبذل جهداً خارقاً لتحمي روحها عن صراعات السياسة.

نعم، لم تعد "عدن" كما كانت، ويا إلهي والظلم، كيف يتجرأ أي واحد منّا أن يطالب المدينة التي تعاقبنا كلنا على إرغامها على التغير أن تبقى كما كانت؟

اليوم تفتح عدن روحها لما لا يقل عن ثلاثة ملايين من الفرقاء المتشاكسين، الذين ضاقت عليهم مناطقهم فهربوا منها إلى "عدن".

مئات الآلاف من كل محافظة يمنية، تقريباً، تزدحم بهم عدن، ولن تجد مدينة كعدن تشهد لليمنيين بالتعايش.

هكذا كنت أقول عن صنعاء، ولن أغير حديثي عن صنعاء، فقط هي لم تعد تقبلني برأيي وتوجهي..
ولكن ليتحدث عنها من هم فيها الآن، ربما أنهم يريدونها منفصلة عنّا جميعاً.

لكن صنعاء بها سلطة تعاقبك على رسالة مبهمة في تلفونك، أما عدن فكل جهدها منصب على البقاء، ابتسامة في وجه طفلة، وود في صوت شائب، بعيدة عن السياسة، قريبة من الناس.

كنت في صنعاء أراها جحيماً، والآن كلما خرجت منها وسمعت الإعلام ورأيت الأخبار ظننتها صارت "جحيماً" لايساويه جحيم في أي منطقة يمنية.

نعم، هي بلاخدمات، ولكن هذه قضية قد يثير علينا الحديث عنها حميّة حلفاء الشرعية من إخوان ومؤتمريي هادي.
وأصلاً يمكن اعتبار موضوع الخدمات مثل قلب رئيسنا عبدربه منصور هادي، حفظه الله.. مريض لكن ليس لدينا علاج له.
ما يهمني هو "عدن الناس"..
محافظة ليست فقط بلاسلطة، بل بسلطة عابثة تريد التصرف كما لو أنها في 2009..
لقد تغير الزمن، وانتهى زمن "الدولة"، عاد إلا زمن نخيط أصحابها.

محافظة يجتمع فيها من كان مع الحوثي بمن كان مع الإخوان، بمن كان مع صالح، بمن كان مع البيض.. 
من مع الوحدة ومن ضدها.. من مع الانتقالي بمن مع الهادي.. 
والأسوأ، وكلهم يعيشون ظروفاً قاهرة يقرون بقهرها وهم في مناطقهم، وحين يأتي الواحد منهم إلى عدن يبدأ الحديث والتبرُّم كأن قهره كله هو كان بسبب عدن.
ومع ذلك كله.. تعيش هذه الملايين بسلام.

تعيش "عدن" حرب اليمن ضد الحوثي بكل روحها، فتستقبل كل شارد موجوع.
نعم، يحدث ذلك الضجيج حول شخص أُوقف هنا أو هناك، أنا أوقفت لساعات مرهقة وموجعة، لكن هذا ليس بسبب عدن، بل بسبب الحرب على عدن.
ثم من يضجون على هذه القصص يسكتون حين تنتهي.. هل قرأتم خبراً واحداً عن انتهاء مشكلة؟
المسؤول عن الضجيج، يشعر بالأسف إن حُلّت المشاكل.