فاروق يوسف يكتب:

الفحم الصومالي يُزيد صورة إيران سواداً

يحتاج المرء إلى أن يضحك كثيرا بسبب ذلك الوباء الذي أصيبت به إيران وهي دولة كبيرة المساحة غير أن رعاتها حولوها إلى ممر للسوق السوداء التي يديرها قطاع الطرق. أما كان لإيران أن تكون دولة محترمة؟

إيران التي تتاجر بالمخدرات الأفغانية لا يمكن أن تكون دولة محترمة.

وإذا ما رغب المرء أن يعرف السبب فإنه سيكتشف أن هناك دولة في إيران تُدار من قبل جماعات لا تؤمن بالدولة. ليس من الصعب العثور على هيكل الدولة غير أن حقيقة تلك الدولة تظل غائبة.

فالحرس الثوري هو الذي يدير ماكنة البلاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. الحرس الثوري هو كل شيء في إيران. هو التجسيد الفعلي للسلطة الغائبة. لا أحد في إمكانه مثلا أن يؤكد أن إيران تملك جيشا وطنيا في ظل سيطرة الحرس الثوري على المجال الحربي. كذلك فإن البازار وهو سلطة الاقتصاد لا يمكن الحكم على وجوده مستقلا عن الهيمنة التي يمارسها الحرس الثوري على الاقتصاد الإيراني. المجتمع الإيراني نفسه صار مخترقا بأبخرة العسس السريين التابعين لذلك الجهاز الذي يتلقى أوامره مباشرة من الولي الفقيه.

ليس رجال الدين النفعيون والانتهازيون والوصوليون سوى واجهة لمشروع يُدار من قبل جنرالات هم موقع ثقة الكهنوت الديني.

إيران هي واحدة من أكثر دول العالم فسادا على المستويين الإداري والمالي.

ومثلما كانت مستعدة للتعاون مع طالبان لتصدير الحشيش الافغاني فإنها مستعدة حسب تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخرا لتصدير الفحم الصومالي الذي تستفيد منه حركة الشباب المسلم في إدامة حربها في ذلك البلد المدمر. ومن المعروف أن تلك الحركة كانت قد فُرضت عليها عقوبات دولية متصلة بالحرب على الإرهاب.

ليس من العسير التعرف على حقيقة أن النظام الإيراني يفضل التعامل مع المنظمات والجماعات الإرهابية على التعامل مع الدول.

فمن خلال تلك المنظمات تتيسر له سبل التدخل في الشؤون الداخلية للدول.    

لذلك فإنه يخرق القوانين الدولية ما أن يجد إلى ذلك سبيلا. وهو ليس معنياً بما يمكن أن يلحقه سلوكه القذر بالشعوب من أضرار.

تضع إيران مصلحتها فوق أي اعتبار قانوني أو أخلاقي. وإذا ما كانت تُصنف على أساس كونها دولة عقائدية فإن عقيدتها المعتمدة لا تعترف بالقيم الإنسانية ولا بالمواثيق الدولية ولا حتى بحقوق الإنسان.

إنها دولة استثناء من جهة شذوذها عن القاعدة.

لقد مولت إيران جماعات مسلحة عديدة في العالم العربي. وما كان ذلك التمويل ليتم لو أن نظام الملالي الحاكم هناك قد أرسى قواعد عمل لدولة تحترم القوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول. والدليل على ذلك أن كل الجماعات التي تقوم إيران بتمويلها تعمل خارج حدودها من أجل نشر الفوضى في دول أخرى لا صلة لها بمشروعها العقائدي.

غير أنه من الثابت أن إيران لا تقدم خدمات مجانية للجماعات الإرهابية. فإضافة إلى ما تحصل عليه من عائدات الفحم الصومالي على سبيل المثال فإنها تضمن أيضا الحصول على موطأ قدم، على أرض تعج بالفوضى لتساهم فيها وليكون لها حضور هناك. وهو حضور، من شأنه أن يغذي أطماعها في التوسع إضافة إلى ما يعنيه من خرق للقانون الدولي الذي يحظر التعامل مع تلك الجماعة الإرهابية.

لذلك سيكون نوعا من السذاجة النظر بإشفاق إلى إيران، بسبب ما يمكن أن تلحقه بها العقوبات الأميركية من أضرار، قد تؤدي إلى انهيار اقتصادها في غضون أشهر معدودة.

ذلك لأن خطر النظام الإيراني القائم يتخطى ما يُرى من سلوك قائم على العدوانية والتوسع والتمدد ونشر الميليشيات المسلحة وتمويلها إلى ما هو أسوأ حين يعمد ذلك النظام إلى ضرب القوانين الدولية عرض الحائط وبالأخص في ما يتعلق بالعلاقة بالتنظيمات الإرهابية التي ينعشها بصفقاته السرية.