لن يتم بوجود التحالف

وماذا لو فرضت صنعاء الانفصال؟

منذ الوهلة الأولى كانت قوى التحرير والاستقلال في ميدان القتال؛ لم ينتظر الجنوبيون تدخل التحالف بل كانوا من قبله بأسابيع يستعدون للقتال، وعندما تدخل التحالف فوجئوا بمنع الدعم عنهم واقتصاره على الوحدويين فقط، وتم اختيار السلفيين الدمَّاجية ليكونوا هم رجال التحالف على الأرض.. وفي أول لقاء لقيادات المقاومة الجنوبية مع ضباط التحالف، قالوا (إنكم ترفعون علم الإنفصال ولايمكن دعمكم لأننا نخشى أن تفرضوا الانفصال كأمر واقع، ولن نسمح بذلك مهما كان الثمن، فالانفصال إذا حدث والتحالف موجود في اليمن سوف يكتب التاريخ أنَّنا من أنهى الوحدة اليمنية، وأننا من شرعن التدخل لتقسيم دول ذات سيادة، وسنكون في موقف محرج أمام المجتمع الدولي.. ولكن إذا أنزلتم العلم الإنفصالي يمكننا اقناع القيادة بدعمكم).. ونفس هذا الكلام وصل من مصادر أخرى؛ فقد نقله شخصيات جنوبية كبيرة كانت موجودة في الرياض وأخرى في الإمارات..

وكان رد الجنوبيين واضح؛ لن نفرض الانفصال كأمر واقع لأن الاستقلال أو الدولة الاتحادية قرار شعبي عبر صناديق الاستفتاء، وننصحكم بعدم السعي إلى فرض إنزال علم الجنوب، فإذا فعلتم فلن تجدوا من يقاتل معكم، فالسلفيون الذين تعتمدون عليهم قلة قليلة، وأغلب المقاتلين -عسكريون ومدنيون- من الحراك الاستقلالي.

وفيما بعد عرف أنَّها كانت حملة تشويه للحراك مصدرها مسؤولون في السلطة الشرعية ينتمون لحزب الإصلاح، وقد اكتشفهم الإماراتيون في وقت لاحق، وطلبوا من الرئيس هادي إقالتهم لأنهم لن يكونوا أمناء على العاصمة عدن.. ولكن ما الفائدة من ذلك..؟ لاشيء ؛ فقد تم تفكيك المقاومة الحقيقية؛ وبعضهم غادر عدن إلى الأرياف أو إلى الخارج؛ وبعضهم أعتزل الحياة العامة واعتكف في بيته؛ وبعضهم تم اعتقاله بتهم مكذوبة؛ والقِلَّة تم تجنيدهم في الجيش الجديد لذر الرماد بالعيون.. وأطمأنت دول التحالف أنَّ الجنوبيين لن يستطيعوا فرض أمر واقع بالانفصال.

والسؤال؛ هل هذا يعني أن الانفصال لن يتم بوجود التحالف كما خططوا..؟
بلى هو متوقع الحدوث؛ والظاهر للعيان أن سلطة صنعاء الإنقلابية ستفرضه بتواطئ -شبه واضح- من أطراف نافذة في السلطة الشرعية، حتى يضمنوا دولة تحت سطوتهم.. فهاهم في صنعاء قد شكلوا حكومة، وأعادوا تفعيل مجلس النواب وقد يتم إجراء انتخابات جزئية لمقاعد المتوفين، وأعيد بناء مؤسسات الدولة وهي تمارس عملها بكفاءة عالية.. فماذا يعني ذلك...؟ يعني انفصال -غير معلن- للشمال عن دولة الوحدة.. والرئيس صالح يكرر في كل خطاباته اتهام التحالف "أنَّه المتسبب بالإنفصال بتدخله بالشؤون الداخلية اليمنية" وهذا هو الفخ الذي نصبه للتحالف؛ فهو يسير بخطوات مدروسة لوضع التحالف في مأزق؛ فأمَّا تتقدم دول التحالف وتضحي بأبنائها غرابين اسقاط سلطة صنعاء الإنقلابية، أوتحدث متغيرات دولية "لاتستطيع دول التحالف تعطيلها" فتفرض وقف إطلاق النار، فيحدث انفصال خفي، أو يحدث اصطفاف جديد "جنوبي انفصالي-شمالي وحدوي" بدلاً من "شرعية-انقلابية" وتختفي السلطة الشرعية حليف التحالف؛ فهل ستدعم حينها دول التحالف سلطة صنعاء الوحدوية التي كانت تحاربها حتى الأمس، وتتخلى عن الجنوبيين الذين وقفوا معها..؟ أم تتوزع دول التحالف بين دول تدعم الجنوبيين ودول تدعم الشماليين..؟

إذا كان الصراع عربي-إيراني فالواجب على التحالف العربي أن لايخسر قوته الحقيقية على الأرض "الجنوبيين" بسبب الوحدة والانفصال؛ لأنَّ الوحدة اتفاق بين طرفين لاثالث لهما "طرف جنوبي وآخر شمالي" ويوميات الحرب في الساحل الغربي وفي البقع-صعدة تقول أنَّ الجنوبيين -حتى اليوم- لن يستطيعوا فرض الوحدة على الشمال بالقوة برغم دعم واسناد دول التحالف، وفي المقابل هناك معطيات على الأرض أفرزها الإنقلاب وثبتتها الحرب تؤكد أنَّ الجنوب أصبح له مخالب وأنياب، ولن يستطيع الشماليون فرض الوحدة عليه بالقوة، حتى لو دعمهم التحالف.. والقيادة الإيرانية لايهمها غير النفوذ وهزيمة السعودية، واقناع العالم أنَّها "شرطي المنطقة"وغير مهتمة بالوحدة اليمنية، ويمكنها نسج تحالفات ناجحة مع هذا الطرف أو ذاك.. فلماذا يضحي التحالف العربي بمودة وأخوة الجنوبيين..؟

ختاماً أقول: بسبب الأخطاء زاد الوضع تعقيداً، ولابد من تكاتف الجهود، ومعالجة الأخطاء التي أدت إلى هذا الواقع السيء الخارج عن السيطرة.. والخيار الأمثل كما يرى الكثير يكون بإيقاف القتال والتحول إلى الحرب الباردة والتي سينتصر فيها التحالف العربي لأنَّه الأقوى.. وتحديد فترة تعايش بوجود الحكومتين "الشرعية والإنقلابية" وتطبيع الحياة في اليمن جنوباً وشمالاً، واحترام إرادة الشعب في بقاء الوحدة أو نهايتها عبر استفتائه برقابة دولية، والله أعلم.

عبدالسلام بن عاطف

*موقع العربي