حسناء عوض تكتب لـ(اليوم الثامن):
الضالع جنوبية رغم أنف الجميع
إن كتابة التاريخ ونقله يتطلب قبل كل شيء الإطلاع على المناطق وعاداتها وتقاليدها وقبائلها ومكوناتها والنسيج الاجتماعي لها ومن ثم الإطلاع على المصادر التاريخية والبحث بأمانة فيما دوّنه المؤرخون والباحثون إستنادا إلى وثائق تاريخية ومعاهدات وخرائط وأشياء مدوّنة حدثت في تلك الحقبة الزمنية من ذلك التاريخ، لأن أهميته وتدوينه من قبل المؤرخين يعد تراثا يكتب للأجيال، فتاريخ الشعوب لا يزال يحمل في طياته الكثير من المعاني السامية.
ومن هذا المنطلق يمكن أن يدون التاريخ بأمانة مهنية وأن من يكتب التاريخ بمجرد الإختلاف مع أبناء تلك المنطقة أو شخص من أبنائها سياسيا، فإن ذلك سيكون أسوأ من عدم كتابته.
وقد طالعتنا بعض صفحات المرضى الوحدويون لإنكار جنوبية الضالع لأهداف سياسية يسعى هذا الطرف وتحقيقها من ضمن مؤامرات عديده لطمس الهوية الجنوبية وتعزيز تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي
نحن نمتلك من الادلة التي لا لبس فيها عن جنوبية الضالع وحين نقرأ ترهاتهم نقهقه لنوبات الهستيريا التي يصابون بها
في زمن الحروب التي كانت تخوضها الدوله اليافعية الكبرى والتي كانت في صراع مستمر مع دولة الائمة الزيدية هناك مقولة عرفت تقول ( الضالع ضلع يافع وردفان ردف يافع)
أيضا عرفت هذه المناطق الضالع ويافع وردفان فيما بعد ببلاد الثوار أو (بالمثلث) مثلث الثوار بعدما تم طرد الاحتلال الزيدي والبريطاني من عدن والجنوب وكانت هذه المناطق رمزا للمقاومة وانطلاق الثورة ضد الغزاة كما كانت قبل في كل مرحلة .
وجاء هذا الاثر القديم من العرف السائد أنداك أن يكون للدولة أو القبيلة ، لها قلب ولها أضلاع صدر تحمي القلب ولها أرداف تجانح بها عن الصدر والقلب. وكان إذ كسر الضلع سهل الوصل الى القلب (قلب) الدولة من خلال تجربة الحروب للدولة اليافعية مع دول الائمة الزيدية كان بمجرد سقوط وكسر ضلع يافع (الضالع) يدخل الغزاة الى قلب يافع ويتم إسقاط الدولة كما حصل في زمن الامام اسماعيل ابن القاسم 1644م-1676م ثم تتجمع القبائل اليافعية من جميع الارداف وما حولها وتنشئ مقاومة كبيرة لطرد الغزاة وهكذا.
تأريخيا ....الضالع هي أرض أوسانية وقتبانية وهويتها جنوبية وقامت على ترابها العديد من حضارات الممالك العربية الجنوبية وتشهد عليها آثارها التاريخية في جحاف وخلّة والأزارق والضبيات وحرير وشكع وعقرم والشعيب ومرفد والعقلة وذي حران وذي بيت وسناح ونشام وحياز وغيرها من مناطق الآثار التي تشهد برقي وحضارة أبناء الضالع في العهد القديم والتي لازلت الكثير من الخربشات والرسوم الجدارية والنقوش المسندية والمناطق التاريخية والقلاع والحصون ومنظومة الري والأماجل المنحوتة في صخور الجبال والمعابد والمقابر شاهدة حية على الحضارات والممالك التي قامت على أرض الضالع في الأزمنة الغابرة ومنها نقش يحكي ملحمة الملكة الأوسانية (أخلّة) مع حليفها الملك ثرت بن أبرتع ومعركتهما الحاسمة في منطقة حدة القريبة من جبل العود في محافظة إب وكيف أنتصروا على قوات الدولة الحميرية وأوقفوا التمدد بإتجاه ممالك الجنوب أوسان وقتبان وأنهاء سياسة الضم والإلحاق التي أنتهجها ملوك حمير وسبأ وذي ريدان بقيادة ملكهم السبئي المكرب/كرب آل وتر في القرن الثالث والرابع قبل الميلاد...
والان على من نفي جنوبية الضالع بالامس واليوم نكاية بهذه المحافظة التي انجبت خيرة الثوار .... يجيب على هذه الادله التاريخية دون مواربه منه او زيق .
الدليل الاول :
تاريخيا تجمع كتب التاريخ على أن إمارة الضّالع وملحقاتها - ككيان سياسي مستقل - سبقت قيام الدّولة المتوكلية اليمنية بستمائة عام، إِذ يعود تأسيس إمارة الضالع إلى القرن الثالث عشر الميلادي، تحت اسم إمارة (خرفة) في بلاد حالمين، قبل أن تنتقل العاصمة إلى جبال جحاف، ومن ثم إلى مدينة الضالع.. بينما المملكة المتوكلية اليمنية الزيدية تأسست في القرن التاسع عشر وتحديدًا عام 1868م، أي أن إمارة الضالع، ككيان سياسي مستقل، سبقت قيام المملكة المتوكلية اليمنية بستمائة عام.
فكيف تكون الضالع شمالية وهي سبق قيامها قيام المملكه المتوكلية؟!
الدليل الثاني :
في عهد الأمير شايف بن سيف بن عبدالهادي حسن الأميري، استطاعت إمارة الضالع أن ترسم حدودها السياسية في شهر مايو من العام 1903م مع ولاية اليمن العثمانيّة كأول إمارة جنوبيّة تكون لها حدود دولية مع المملكة المتوكلية اليمنية التي كانت تحت الانتداب العثماني قبل أن تكون مملكة في عام 1918م، كما جاء في تقرير لجنة الحدود الأنجلو - تركية.
وقبل الحديث عن الدليل الثالث ...
نذكر هنا انه وقبل موافقة الإمام يحيى بن حميد الدِّين, إمام المملكة المتوكليّة اليمنيّة، على توقيع معاهدة 1934م (الأنجلو ـ يمنية) مع بريطانيا، كان الإمام يحيى لا يزال باسطا بقواته على هضبة سلطنة العوذلي في أبين وعاصمتها (مكيراس) في عام 1933م، وفي نفس الوقت كان الأمير نصر بن شايف بن سيف بن عبدالهادي حسن الأميري، أمير إمارة الضالع وملحقاتها، قد طرد بقواته وبمساعدة القوات الجويّة الملكية البريطانية جيش الإمام اليمني الزيدي من كل أراضي إمارته التي احتلها الجيش الزيدي عام 1920م، بقيادة أمير الجيش الملكي يحيى بن العباس المتوكل الشهاري, وتم طرد القوات الزيدية منها دون رجعة عام 1928م, بينما كانت (سلطنة العوذلي)، في أبين إلى نهاية عام 1933م لا تزال تحت سيطرة القوات الزيدية، أي بعد ست سنوات من تحرير إمارة الضالع وملحقاتها.
الدليل الثالث :
عند المفاوضات التي سبقت معاهدة فبراير 1934م بين الإمام يحيى بن حميد الدِّين، ملك المملكة المتوكلية اليمنية، وحكومة عدن البريطانية، وكذا عند توقيع المعاهدة، لم يتم الحديث عن سلطنة البيضاء وإمارة الضالع، لا شفويا ولا كتابيا، أيّ أنهما لم تدخلا في مجال التبادل المزعوم، والافتراء الكاذب ومحاولة تزييف الحقائق، بأن توقيع معاهدة 1934م جرى فيها تبادل البيضاء مع الإمام مقابل الضالع، ففي هذه الحالة، أيهما الأجدر للإمام يحيى الحصول على سلطنة العواذل التي كان آنذاك أثناء المفاوضات باسطًا عليها، أم إمارة الضالع وملحقاتها التي كان قد هزم جيشه فيها وخرج مطرودًا منها عام 1928م..!!
الدليل الرابع :
كل الخرائط الموجودة تاريخيا والتي هي من عهد الإنجليز تثبت إن أراضي إمارة الضالع داخل حدود محمية عدن الغربية ومن بين الوثائق خارطة معتمدة لدى (مكتب وزارة الحرب البريطانية لندن) ويظهر من خلالها الخط الدولي الفاصل بين الشمال والجنوب أيّ بين العثمانيين والبريطانيين .
وهذه الخريطة أسقطتها بريطانيا من الجو عام 1842م وتم إعادة إسقاطها مرة أخرى عند إتفاقية الحدود في شهر مايو سنة 1903م بين العثمانيين والبريطانيين وتحدد الخريطة بوضوح الخط الدولي الفاصل بين إمارة الضالع ومدينة قعطبة (نملك نسخة منها).
وهذه الخارطة هي معتمدة دوليا وتم تحديثها عام 1958م من قبل مكتب وزارة الحرب البريطانية لندن وهي من الوثائق المهمة والمعتمدة لدى الأمم المتحدة عند النزاعات والخلافات والحروب بين الدول
هناك الكثير من الادله التي تظهر جنوبية الضالع مهما كان زيف من نفى تنفيذا لاجندات يمنية مقيته تعودنا عليها
فإذا كانت الضالع تتبع المملكة المتوكلية اليمنية، فلماذا غزاها العثمانيون والزيود من الفترة 1928-1872م عدة مرات وخرجوا منها منهزمين..؟!!
أليس ذلك دليلا قاطعا من العثمانيين والزيود بأن غزوهم للضالع بإعتبارها إمارة تابعة للتاج البريطاني يدل بما لا يدع مجالا للشك بأنهم غزو مناطق دولة أخرى لا تخضع لسيادتهم..؟!!
غير ان الجنوبيين تعودوا من شعب اليمن صياغة الاكاذيب وتصديقها وما عسانا ان نقول الا ترديد المثل الجزائري ...
( وجه الخروف معروف )