حسناء عوض تكتب لـ(اليوم الثامن)

من ذاكرة ملفاتي ...

أن قيام عاصفة الحزم لم تكن وليدة اللحظة بل تم التجهيز لها بعد سقوط عمران التي تعتبرمفتاح سقوط صنعاء إذ لا يمكن أن يتشكل تحالف لأكثر من عشر دول خلال 73 ساعة 
الهدف الحقيقي من قيام عاصفة الحزم هو تأمين حدود المملكة خاصة والخليج عامة وتأمين مصالحهم في المياه الإقليمية على بحر العرب(حماية مضيق باب المندب من سيطرة الحوثيين ، لكونه الطريق الرئيسي لحركة النفط، فضلاً عن مصالح اقتصادية أخرى ) والبحر الأحمر كهدف إستراتيجي إضافة الى ما يسمى بالمد الشيعي كي يكتمل الهلال الخصيب الذي تتحدث عنه إيران في أدبيات الثورة الخمينية لأن وجود إيران في اليمن من خلال أدواتها المتمثلة بالحوثي اعتبرته المملكة تطويقا لها بمحاصرتها من كل الجهات

كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت المملكة تتخذ قرار التدخل في اليمن لحظة سقوط عمران مفتاح سقوط صنعاء ، فجعلت المملكة الطرف الخصم يتمدد ويتمادى فأسقط صنعاء دون تدخل منها مباشر وتركت له التمدد في مناطقهم حتى تصل المملكة الى هدف تمدد الخصم ( جنوبا ) لحظتها أعلنت ساعة الصفر في التدخل وقبل هذا وكي يصبح تدخلها شرعي نقلت رئيس اليمن الى عدن لتجد مبرر لضرب الحوثي في مناطق لا حاضن شعبي له وهي ( المحافظات الجنوبية ) وخاصة عدن .

أعلنت عاصفة الحزم في 26 مارس من العام 2015م ولا زالت مستمرة ( فلا حزمت العاصفة أمرها فيما وضعته من أهداف ولا أعادت الأمل الى ما دمر في هذه الحرب في المناطق التي تسمى جزافا المناطق المحررة ) 
أولا ـ حزب الإصلاح اليمني وعاصفة الحزم :
هذا الحزب الانتهازي الإرهابي والذي خلق لمهمات محددة من قبل ( الدولة العميقة ) حال انطلاق عاصفة الحزم جاء تأييده لها بعد 9 أيام من بدء العاصفة بعد أن قسم نفسه وأوراقه الى 3 أقسم :

قسم ذهب مؤيدا للشرعية 
قسم بقي في صنعاء وهو تأييد ضمني لطرف الخصم
وقسم مكث في تركيا وهو الأخطر ( حسب اعتقادي ) ليكون الوسيط بعيدا عن المراقبة بين كل الأطراف حسب مصلحة الحزب وهذا القسم هو من ينشط إعلاميا أكثر بالإضافة للدور السياسي الخطير له
ثانيا ـ القضية الجنوبية والمناطق المحررة :
كل أطراف الصراع السلطوي في صنعاء وإن أختلفوا يلتقون حول القضية الجنوبية للنيل منها فالهدف واحد وهو دفن مشروع التحرير والاستقلال

ظهر تآمر حزب الإصلاح اليمني على مدى سير عمليات عاصفة الحزم ثم عملية إعادة الأمل التي انطلقت بعد تحرير بعض المناطق في المحافظات الجنوبية وخاصة عدن فكثرت الإغتيالات وعمليات الإرهاب وتعطيل كافة نواحي الحياة السياسية وازدهار السوق السوداء وبيع الأسلحة والجريمة المنظمة وتحمل شعب الجنوب كل هذا بصمت حتى كاد الكل يقول ان الثورة الجنوبية أفل نجمها ولن تقوم لها قائمة .

سلم ملف الأمن في عدن الى دولة الإمارات واعتمدت الأخيرة على رمزين من رموز المقاومة الجنوبية ربما سعيا منها على امتصاص زخم الشارع الجنوبي وتكبيله بوصول هاذين الرمزين الى مناصب في شرعية هادي التي رفضت في أراضي الجنوب في انتخابات العام 2012م ودفع شعب الجنوب لرفض شرعيته حينها عشرات الشهداء بالإضافة الى أن أحد أسباب إختيار الإمارات لهما هو وصولا للهدف الإستراتيجي في تحرير بعض مناطق الشمال لما للرجلين من قوة جنوبية عسكرية يمكن للإمارات ودول التحالف إستخدامهم خاصة أن الجنوب كان صادقا مع جانب التحالف أكثر من الشمال اليمني الذي يعتبر الحرب مجرد إرتزاق وإستنزاف لأموال الخليج ( فخوض الحرب مع الجنوبيين مبدأ أما مع الشماليين غنيمة واسترزاق )

راهنت كل أحزاب اليمن على فشل الرجلين لكن الرجلان أثبتا تفوقهما وخاصة في ملف الإرهاب فآثر من في سلطة الشرعية بكل أعضاءها المنتمين للدولة العميقة لإفشال الرجلين وخاصة الزبيدي في أخطر ملف وهو ملف الخدمات للتقليل من شعبية الرجل وذلك بالتحريض عليه واختلاق الأزمات والامتناع عن صرف الرواتب لموظفي الدولة ونشر الفوضى وتشكيل أكثر من 28 مليشيا لا تأتمر بأمر شلال علي شايع وذلك بالتعاون مع رموز في شرعية حكومة هادي والتي باتت تشكل خطر الوصول الى ذاك السيناريو المتواجد في ليبيا 
وصل نفوذ حزب الإصلاح اليمني الى المراكز الحساسة في الحزام الأمني الذي يعتبر نواة جيش الإمارات في الجنوب

ثالثا : القرارات الأخيرة لحكومة الشرعية :
تواصلا لمؤامرة دولة الشرعية بمعية حزب الإصلاح اليمني ممثلة بزعيم الإرهاب علي محسن الأحمر وبضوء أخضر من المملكة العربية السعودية جاءت قرارات هادي الأخيرة في يوم ذكرى الحرب على الجنوب العام 94م كإعلان من طرف الشرعية ببداية ساعة الصفر لفرض أجندة حزب الإصلاح التي تعتمد عليه المملكة كطرف مناهض للحوثي وعلي عبدالله صالح وتقليم لدور الإمارات والمقاومة الجنوبية في المناطق المحررة وخاصة في ملف الإرهاب وكشف عدد كبير من عناصره بعد حوادث كثيرة واهمها حادث المطار الأخيرة التي أصبحت به الإمارات أكثر يقين عن دور الإسلام الراديكالي في إفشال أهداف التحالف

أرتكب هادي خطأ كبير في إصدار القرارات الأخيرة ولكنه خطأ ممنهج بإيعاز من المملكة وحسب تحليلي أن المملكة قررت ضمنيا إيقاف الحرب بطريقتها وحفظ ماء وجهها من الفشل الذريع شمالا فأوعزت لحليفها الإستراتيجي علي محسن بفرض هذه القرارات على موظفه الرئيس هادي ليعلن حربهم على الجنوب أرضا وإنسانا في توقيت حساس لدى الجنوبيون وهو ال 27 من أبريل لعلمه أن هذا التاريخ سيجعل الشارع الجنوبي يشتاط غضبا وتنشر الفوضى الخلاقة وخاصة في قرار إقالة الزبيدي والذي كان يتوقع طرف من أعلن القرارات

ألا شعبية للرجل فتحول الرجل من مجرد محافظ الى زعيم أمه 
القرارات الأخيرة بمثابة إعلان حرب لغزو ثالث يحضر له كل الأطراف اليمنية التي في الشرعية والانقلابية خاصة بعد وصول معلومات لديهم أن الجنوبيين باتوا يمتلكون قوة ضاربة وأن الإمارات باتت مقتنعة بفصل اليمنيين ولا يمكن أن تسمح لتسليم الجنوب لحزب الإصلاح العدو الأول لدولة الإمارات وبات واضحا الصراع بين أكبر دولتين خليجيتين في التحالف العربي ناهيك عن صراعهما التاريخي على الحدود بين بلديهم ( بين دولة تحارب الإسلام الراديكالي ودولة تحابيهم وأقصد هنا كل من ينتمي الى الإسلام السياسي كحزب الإصلاح اليمني الذراع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين )

ـ نتائج القرارات الأخيرة : حسب رأيي
1/ أعاد وهج الثورة الجنوبية وهذا يدل على الوعي التاريخي المقاوم لشعب الجنوب واليوم نرى الحشود تتداعى ليس رفضا لإقالة الزبيدي بل رفضا لإستهداف المقاومة الجنوبية التي كانت سند وظهر مخلص لتحقيقي أهداف التحالف وكذلك هي من تمثل تحقيق إرادة الشعب الجنوبي في تحقيق التحرير والاستقلال 
2/ ازدياد شعبية رمز المقاومة الجنوبية الزبيدي فتحول من مجرد محافظ الى زعيم أمه 
3/ عودة بعض من كان في جبهات القتال خارج حدود الجنوبية وانسحابهم وهذه صفعة لأهداف التحالف وتحقيق ما كانت تصبوا إليه ورسالة للتحالف أن شعب الجنوب ومقاومته شريك وليس تابع تفرض عليه امور خارج هدفهم الإستراتيجي المتمثل بتحرير الأرض
4/ سيترتب عن صدور هكذا قرارات الى فعل ثوري سينتهي بما يطالب به طرف الخصم في صنعاء وهو طرد وعدم قبول الشرعية داخل معاشيق

كل هذه النتائج ستقوض سياسات التحالف العربي وستخسر حاضن شعبي لتحقيق أهداف عاصفة الحزم 
لكن هناك ما هو أخطر وهذا ما يريده أطراف الصراع في صنعاء وعدن ربما لاستحقاقات دولية وإقليمية حان تنفيذها ولا يمكن ان تنفذ الا بقيام حرب ثالثة باتت وشيكة وحتمية وذلك بما أراه من تمترس للطرفين في عدن خاصة والجنوب عامة ظنا منهم أن هذا سيضعف الداخل الجنوبي وأنا برأيي أن الشرعية فتحت نار جهنم عليها لن تخمد إلا بتحرير الجنوب