حسناء عوض تكتب لـ(اليوم الثامن)

من ملفاتي ٢... تقرير عن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي:

في ال 11 من مايو من العام 2017م جاء إعلان تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي بقوام 26 شخصية انتمت إليه ليصبح الممثل الشرعي الوحيد للقضية الجنوبية في المحافل الإقليمية والدولية 
وفي اعتقادي إن إعلان الزبيدي عن نية تشكيل المجلس السياسي في الجنوب بعدما ثبت لصناع القرار الخليجي أن اليمن لم يعد قابلاً للتطويع والوصاية. لذلك، يحاول صاحب القرار السعودي إيجاد بدائل للتعامل مع حالة الاستعصاء هذه، حيث أصبحت الحرب تشكل عبئاً كبيراً على المدى البعيد مع تراكم الانجازات اليمنية على الحدود بين البلدين.
كما أن هناك تحركات إقليمية ودولية تصب في هذا الإتجاه هذا مع علمنا أن هناك قمة امارتية أمريكية في واشنطن بين ترامب والشيخ محمد بن زايد في تاريخ 15/05/2017 
التفويض الذي حصل عليه عيدروس الزبيدي الأغلبية تعتقد أنَّه تفويض لانتزاع حق من السلطة الشرعية فقط، وهذا غير دقيق؛ فهذا الأمر واجب على الجميع، ولم يكن بحاجة إلى تفويض.. ومكونات الحراك والمناضلون المستقلون يقومون بهذه المهمة منذ سنوات..

لكنَّ تفويض اليوم مطلق الصلاحيات، مطلق الحدود، حلَّ الشعب بموجبه كل المكونات الحراكية وأسقط القيادة التي يسميها البعض "التاريخية" واسقط كل الرموز القيادية الجنوبية، وأعطت الجماهير القيادة المطلقة لعيدروس، وفوضوه في إختيار من يريد من هذه القيادات التي تم إسقاطها، والمكونات التي حلوها، ومن كوادر الجنوب من يدير منهم ليكونوا معه ضمن القيادة وهذا كان مطلب دول العالم والإقليم فكلما تحدث أحدهم عن حق الجنوب في فك الإرتباط بعد فشل المشروع السياسي المسمى ( بالوحدة ) ينبري أحدهم ليقول كيف نتخاطب مع مكونات تحمل أهداف مختلفة 


إن الإعلان عن مجلس كهذا هو ضربة قوية يوجهها أصحاب المشروع التحرري في وجه الدولة العميقة في اليمن وشرعية هادي المرفوضة جنوبا والتي عبر عنها الجنوبيون في انتخابات العام 2012م لآنه بصحيح القول والعبارة مجلس نحو تحقيق الحلم الجنوبي الذي أراه ممكنا في حال تفعيل المجلس العسكري إذ لا يمكن للمجلس السياسي أن يمكن من النجاح إلا إذا أمتلك أوراق تفاوض حققها له المجلس العسكري بالسيطرة على الأرض وتحرير كافة المناطق من المهرة الى مضيق باب المندب

في نظري إننا أمام حرب ثالثة خاصة بعد رصدي لبعض ردود الأفعال من الطرف الرافض لقيام المجلس الانتقالي الجنوبي وسأورد هنا بعضها :
1ـ رئيس المحتل اليمني عبدربه منصور هادي عقد اجتماعاً بمستشاريه ونتج الاجتماع بيان رفض جملة وتفصيلاً تشكيل المجلس الانتقالي واعتبر ذلك لا يخدم القضية الجنوبية ولا المبادرة الخليجية وكان البيان 
2ـ وزير خارجية المحتل اليمني في حكومة بن هادي “عبدالملك المخلافي” اكتفى بالقول: استقلال وسلامة ووحدة اليمن وسيادة أراضيه التزام دولي وعربي وخليجي
3ـ المتحدث باسم أنصار الله في صنعاء اعتبر تشكيل مجلس انتقالي جنوبي مخططاً تقسيمياً بإشراف غربي، مؤكدأ أن ذلك يعد تجلٍ لأهداف الاحتلال الأميركي الذي يسعى إلى تفتيت اليمن

4ـ أمين عام الحزب الاشتراكي السابق ياسين سعيد نعمان اعتبر تشكيل المجلس احتيال سياسي وهروب نحو السلطة بشكل متسارع 
5ـ أعتبر القيادي الجنوبي أزال الجاوي أن للسعودية دور في إعلان المجلس الإنتقالي الجنوبي مشيراً في منشور له ان معظم الاسماء في المجلس المعلن اليوم لم تكن كلها محسوبة على التيار الموالي للإمارات 
6ـ المحلل السياسي اليمني عبدالوهاب الشرفي اعتبر ان خطوة اعلان المجلس السياسي الجنوبي هي خطوة باتجاه معركة الساحل الغربي و لا علاقة لها بالقضية الجنوبية لا من قريب و لا من بعيد 
7ـ السكرتير الصحفي في الرئاسة سابقاً ومستشار وزارة الإعلام بحكومة هادي حالياً “مختار الرحبي” وصف من أعلنوا عن تشكيل المجلس الانتقالي بالمتمردين وكتب عبر تويتر: “بيان المتمردين في الجنوب يطعن في شرعية التحالف العربي الذي جاء بطلب من رئيس الجمهورية وتحت شرعيتة” 


8ـ أحمد عبيد بن دغر : أن سقوط مشروع الدولة اليمنية الاتحادية والتي توافقنا على شكلها ومضمونها في مؤتمر الحوار الوطني، أو استبدال الشرعية عنوة بأية شرعية غير شرعية الانتخاب وصناديق الاقتراع، سوف تغير مسار الأحداث والحرب في بلادنا وجذرياً لصالح العدو، كما ستعصف بموازين القوى على كل المستويات المحلية والإقليمية، الكثير من عناصر وقوى الصراع على الأرض سوف تفقد حجيتها. وسيضغط المجتمع الدولي نحو حلول لا تنهي الإنقلاب، بقدر ما تؤدي إلى التصالح معه. فهذا العالم محكوم بقوانينه ونظمه وليس بإراداتنا حتى وإن بدت عادلة. بقي أن نقول أن الأشقاء في التحالف والعرب جميعاً لا يمكنهم أن يمضوا صامتين وهم يراقبون الأحداث في المناطق المحررة من اليمن وهي تنتقل من حالة إلى أخرى، هناك كلمة حق لابد أن تقال الآن، فإن تأخرت فلن تكون ذات نفع غداً. بعض مظاهر الأزمة في عدن يستطيع التحالف السيطرة عليها.

9ـ نجيب غلاب رئيس منتدى الجزيرة للدارسات والبحوث : إن اعلان عيدروس الزبيدي عما أسماه بـ"المجلس الانتقالي" يتناقض تماماً مع أهداف عاصفة الحزم وكافة المرجعيات ولا يعكس واقع الجنوب على الإطلاق.
وأضاف غلاب أن الإعلان يشكل هدماً للشرعية الدستورية وللمرجعيات الثلاث، ولا يختلف في مطالبه عن مطالب الانقلابيين في صنعاء، مشيرا إلى أن التناقضات تتكامل شمالاً وجنوباً لإنقاذ الحوثية.

10ـ وكيل وزارة الإعلام عبد الباسط القاعدي بدوره قال "انقلابيو الشمال استهدفوا رمزية سبتمبر وانقلابيو الجنوب استهدفوا رمزية مايو"
11ـ الكاتب والصحفي عوض كشميم المجلس الانتقالي الجنوبي بالانتقامي، وقال ساخرا "مجلس انتقالي أم انتقامي؟". 
12ـ الكاتب السياسي عبدالرقيب الهدياني من جهته قال إن اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي انقلاب ثانٍ على الشرعية، مشيرا إلى أن اعلان الزبيدي اليوم خطير وكبير وهو في إطار تقويض جهود الحكومة الشرعية والتحالف في المناطق المحررة ويصب في مصلحة الانقلابيين في صنعاء. 
نستنتج من بعض ردود الأفعال المناوئة لقيام المجلس وخاصة الذي قيل بلسان الحكومة رسميا وفي مقال لرئيس وزرائها

أن الأمور باتت وشيكة لإندلاع حرب ثالثة وذلك بوضع يد الشرعية مع من كانت تسميهم إنقلابيون وحينها سينتهي مفعول القرار الأممي والمبادرة الخليجية وآلياتها وما خرج عنه مؤتمر الحوار اليمني الذي لم يكن الحراك الجنوبي ( التحرري ) ممثلا فيه ولم تكن تعنيه مخرجات حوارهم اليمني الذي عبر عنها شعب الجنوب في مليونية القرار قرارنا 
لكني لست متفائلا في الأسماء الواردة فمنهم الإشتراكي و الإصلاحي والمؤتمري وجميعهم يؤمنون بواحدية الجغرافية والوحدة السياسية لليمن الموحد 


لن ينجح هذا المجلس إلا إذا نجح المجلس العسكري والأخير مرهون نجاحه بدعم الدول التي سمحت في البداية من إعلان عدن التاريخي مرورا بإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي انتهاء بالإعلان عن مجلس عسكري يدافع عن المناطق المحررة ويحرر ما تبقى منها

الحقيقة أن دول الخليج ومنها المملكة أستشعرت خطورة إطالة الحرب وربما تظن المملكة أن ورقة ما أسموه تمرد القيادات الجنوبية المقاومة سيشكل ضغط على صنعاء وحزب إخوان اليمن في التقدم لتحرير الشمال لكن ظنها هذا الترقيعي كعادتها لن يثمر بنجاح كما تأمل , لهذا أعتقد أنها وصلت لمرحلة تريد حفظ ماء وجهها والخروج من مستنقع أبو يمن بتسويات ستفرضها فيما بعد حتى على المقاومة الجنوبية غير أن الإمارات تشكل عائق أمام كل ما ذكر فالإمارات تحارب الإسلام الراديكالي المتمثل في حزب الإصلاح اليمني ( جناح الإخوان المسلمين السياسي في اليمن ) ووجدت في المقاومة الجنوبية خير سند لتحقيق أهداف التحالف في وجوده وسند في مكافحة الإرهاب الذي خلقه أكثر من طرف يمني.

الصراع الخفي بين المملكة والإمارات كان خفيا واتضح جليا بعد معركة المطار لكن هناك استحقاقات دولية سوف تجعل المملكة ترضخ وخاصة بعد وصول ترامب الى سدة الحكم