حسناء عوض تكتب لـ(اليوم الثامن):

المدخل القانوني في حل القضية الجنوبية

في واقع الامر أرى أن ما رفعته القوى السياسية الجنوبية ( كرابطة أبناء الجنوب العربي ) منذ بداية الخمسينيات بالمطالبة من الامم المتحدة بالاعتراف بحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره ، وأنه شعب لا ينتمي لأي شعب آخر وليس جزء من أية دولة أخرى وأن تعمل الامم المتحدة بالاستفتاء للوقوف على رغبة سكان الجنوب ( لولا التشويش الذي أثاره الوجود اليمني في الجنوب والمطالب بالحاق الجنوب باليمن 
وبناء على هذا النضال السياسي اعترفت الامم المتحدة بحق تقرير المصير وألزمت قوة الاحتلال البريطاني بتسليم الجنوب لأهله في دولة موحدة من المهرة الى باب المندب وبناء على هذا الضغط الولي أعلنت بريطانيا اعترافها بتقرير مصير الشعب الجنوبي وقررت في 1963م تسليم الجنوب موحدا في يناير 1968م 
هذا القرار هو المدخل القانوني للشعب الجنوبي في الامم المتحدة . فالاعتراف بحق تقرير المصير من قبل الامم المتحدة ليس حقا ( فالحقوق لا تمنح ) لكنه اعتراف ( والاعتراف يوجب حماية هذا الحق ) ويفرض على الامم المتحدة واجب مساعدة صاحب الحق 
وبناء على الاعتراف الدولي بهذه الحقوق سابقا ، وبناء على وجود شعب يتمتع بها 
فقد اتخذت ايضا الامم المتحدة القرارين 924 و 931 بعد فرض وحدة بالقوة ( لان فرض الوحدة هو اسقاط لكل حقوق الانسان وهو احتلال في نهاية الامر ) هذا اعتراف آخر بحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره ، وفي نفس الوقت ليس اعتراف بجمهورية اليمن الديمقراطية ولا بالجمهورية اليمنية التي اعلنت في 1990م م بل اعتراف بالشعب الجنوبي فهناك فرق بين الشعب والدولة لان الدولة كيان له حقوق وعليه واجبات ولان دولة الوحدة لم تقم بما عليها وبواجبها بل اعلان الحرب على الشريك وبالتالي تسقط الدولة الوحدوية امام الشعب المحتل .
فالدولة في الجنوب لم تعد موجودة بعد اعلان الوحدة لكن الشعب موجود وباقي ومدخلنا القانوني هو وجود الشعب ذاته الذي له الحق في تحقيق مصيره مع الحفاظ والتمسك بالهوية الجنوبية 
كما وأنه لابد من التفريق بين ( الجنوب العربي المشروع الذي طرحه رابطة ابناء الجنوب العربي ) وبين ( اتحاد الجنوب العربي الذي اطلق من قبل بريطانيا ) فمشروع الجنوب العري ظهر قبل ظهور المشروع البريطاني الذي حاول به ضرب الرابطة والقوة الوطنية الجنوبية 
وتذكروا أن المحتل اليمني منذ العام 1967م قام بإستبدال هويتنا بالمناطقية التي نعاني منها حتى اليوم ، واستبدال الجنوب باليمن ، واستبدال المستقبل بوضع شعار لنناضل من اجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيد الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية ، لهذا كنا نرى كل خمس سنوات حرب وتصفيات داخلية حتى يصلوا الى مبتغاهم وتحقيق الوحدة .
تذكروا أن تسمية اللقاء المشترك ما سمي الا لإشراك الشماليون جميعا دون استثناء في عملية دفن القضية الجنوبية 
وتذكروا ان المحتل حاول ويحاول اليوم عبر شرعية هادي على تمزيق النسيج الاجتماعي ليسهل عليهم ضرب الشعور بالانتماء 
لهذا نرى اليوم من ينادي بالفيدرالية او بالدولة الإتحادية وكأنهم نسيج من المجتمع اليمني ووجب عليهم انتشاله من براثن مشاكل لا حصر لها
ونرى من يتقمص دور المنادي بالاستقلال مقنعا وهواه فيدرالي ووحدوي ونرى من يدافع الدفاع المستميت لبقاء الوحدة الاندماجية 
واسأل هؤلاء متى كنا كيان جغرافي واحد كي نستمر في كيان سياسي واحد؟! الا يفقه هؤلاء الادلة على وجود شعبين وان لكل شعب ارضه والدليل هو قيام ثورتين ال14 من اكتوبر وال26 من سبتمبر ،، فهل يعقل ان تقوم ثورتين في بلد واحد 
بل اسأل هؤلاء متى كانت هناك ثورة مركزية حكمت المنطقة ليقال لنا اعادة تحقيق الوحدة او حتى تسوية مسارها 
هذه شعارات مزيفة ولو كانت الشعارات المزيفة تثبت حقا لأي طرف لرفعت سلطنة عمان ( اعادة وحدة عمان ) لتضم الامارات وقطر والتي تعتبر جزء حقيقي لا يتجزأ من عمان 
وأخيرا يقول نجيب الريس في كتاب رياح الجنوب ، هذا الذي دافع كثيرا عن مشروعية حرب 94م وتشجيعه للنظام اليمني.. يقول بعد ان ادرك الفارق ...
(الحرب في اليمن عامة هي حرب القادر على الدفع وتوزيع النقود والغنائم على القبائل... فمن يدفع أكثر ربما يربح أكثر على اعتبار ان صناعة الحرب بالنسبة الى القبلي حرفة ومهنة مثل سائر الحرف والمهن الا انها في الجنوب حرب مواقف تحتاج الى النفود والى السلاح والتأييد اكثر مما تحتاج الى عطايا)
واكثر ما اخشاه بعد التدمير الممنهج للعقل الجنوبي ان تبدل العطايا للقيادات التي هرمت ولم تعد ترى غير ما تحت اقدامها