د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الجنوب الوطن المستباح !!!

 قال الإمام الشافعي: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ونأكل بعضنا بعضا عيانا
عندما يسود الجهل والغل والحقد..تتبخر القيم وتنهار جدران الفضيلة في سماء الأوطان ..وتغيب الحكمة ..ويحكم الرعاع والسفهاء..ويهان العلماء والشرفاء ويغيب الحكماء ويسود الجبناء واللصوص والمغامرون ..وتستباح الأوطان ويقتل الأبرياء ..وتسقط المرؤة والشرف .. وتضيع الأوطان.. وهذا ما حدث ولا زال في الجنوب !!
*بعد اجتياح الجنوب عام 1994م سيطرت القيادات الشمالية على مئات العمارات والمساكن الخاصة في عدن و آلاف الكيلومترات من ارض الجنوب في مقدمتها (عدن) بقوة السلاح ونشوة النصر الذي تحقق مع الأسف على أيدي شرذمة من الجنوبيين الخونة واستباح المتنفذون الشماليون البر والبحر وثروات الجنوب بل وكرامة الجنوب وأهله ،والقوا بالفتات لسماسرتهم ونخاسيهم من الجنوبيين الذين ارتضوا أن يقفوا حراسا أذلاء على أبوابهم هذا ما حدث في الموجة الأولى !!
وفي موجة الغزو الثانية التي قادها الحوثي مع عفاش باسم الوحدة دمروا كل شيء اعترض طريقهم البشر والحجر ..ورغم وجود شرذمة من الخونة الجنوبيين في صفوفهم وتقاتل معهم إلا أنهم هزموا هذه المرة
بسواعد الرجال ودماء الأبطال الشجعان من أبناء الجنوب الذين تصدوا لهم واستشهدوا وهم يدافعون عن كرامة الوطن..
فماذا فعل الأحياء من بعض الجنوبيين بعد تلك التضحيات ؟؟.
* اليوم يعبث في عدن ويشوه وجهها الجميل هوامير الفساد ويتم الردم والبناء والعشوائية دون محاسبة في ظل غياب مؤسسات الدولة ومنذ اندحار مليشيات الحوثي ظهرت العصابات الجنوبية ولم تبق شيئا من مساحة أو ساحة إلا ووضعت يدها عليها وبصمت عليها بآثامها وأوزارها وأصبحت هي الصك والوثيقة .
* ارض المملاح كانت عصية على الأحمر وأولاده كذلك الأراضي الخصبة في بير فضل لم يحصل عليها هوامير الشمال .. واليوم في ظل العبث وغياب مؤسسات الدولة أصبح كل شيء مستباحا بقوة السلاح ولو سالت الدماء انهارا .
* تشرذمنا وتفرقتا أيدي سبأ.. فمنا من اعترض بحروف وكلمات باهتة لم يقرأها عابر سبيل مر في سوق الكلمات يبيع ويشري .. ومنا من شارك في تدمير الجنوب وأصبح حاميها حراميها يسرق الأرض ويمارس القتل .
* أصبح السارق يحمل نجوما على بدلته ونياشين على صدره وسلاحا في يده يأمر وينهى وأصبح الجبان قائدا والثعلب يسابق الأسود والفاسد يحكم بين الناس وبائع السوق خبيرا استراتيجيا والقاتل في حماية القانون والضحية يخاف القانون .. الطبيب أصبح تاجرا والتاجر أصبح سياسيا والغبي أستاذا يعلم الأذكياء .
* الرأس أصبح ذيلا والمنافق عنوانا للشرف المفقود .. والإرهابي أصبح ثائرا والثائر يتدثر باللحاف ،أشعلنا الحروب وصدرنا أذانا وشرنا إلى أخوتنا وجيراننا وأشغلناهم بحروبنا وارتهاننا للغير !!
* اللصوص والسماسرة تحميهم المليشيات والبلطجية ويغتالون الشرفاء ..ورجال الأمن الذين يطاردون عصابات المخدرات والممنوعات ..وأصبح أراذل القوم ينشرون الفساد وينحرون عدن ويبيعون أراضيها وتاريخها ويمحون ذاكرتها ويدمرون معالمها ...وهؤلاء لا ينتمون إلى عدن وليسوا من أبنائها ..يزورون الوثائق ويتملكون آلاف الأراضي والبيوت بينما آلاف الأسر العدنية بدون مأوى ولا زالوا يحلمون بقطعة ارض في مدينتهم المستباحة للغرباء والدخلاء!! .
* الحقيقة المؤلمة والمفجعة أن لدينا قوائم بالأسماء لمئات اللصوص والمتنفذين من الذين نهبوا كل شيء في عدن دون وجه حق حيث بلغ عدد المرافق والمؤسسات الحكومية المنهوبة أكثر من 400 مرفق ومؤسسة .
* مليشيات مسلحة تسيطر على عدد من المربعات الأمنية وتستولي على أراضي شاسعة ومنها ممتلكات للدولة وبعضها للمواطنين غاب أهلها بسبب الحرب .
* المنصورة والشيخ عثمان ومنطقة صهاريج عدن تشهد بناء عشوائيا ومنافسات طاحنة على نهب الأراضي وتحويلها إلى أسواق تجارية .
*لازالت تحكمنا القبلية العمياء والمناطقية البغيضة ولا زلنا نتجرع الفشل ونبيع الأوهام ونسوق الأحلام لأنفسنا ونلقي آثامنا وأوزارنا على الغير ونحن أول من باع وخان واستباح الوطن ..وساعد على ضياعه.. فهل نحن جديرون وحريصون على حماية الجنوب واستعادة حريته وكرامته واستقلاله.. في حين لا زالت عصابات تعيث فسادا في عدن وتتاجر بمستقبل الجنوب وأجياله القادمة ؟؟
* وختاما لازلت آمل أن يعود أبناء الجنوب إلى رشدهم وان يتركوا مهنة النخاسة وبيع تراب الوطن والكف عن المتاجرة وبيع أوصال الوطن بأثمان زهيدة .. احلم بان ينهض كل حر شريف ويقف سدا منيعا في وجه اللصوص والسماسرة ونقول لهم : كفوا عن المتاجرة بأحلام البسطاء وكفوا أيديكم عن بيع الأوطان .
د.علوي عمر بن فريد