حسناء عوض تكتب لـ(اليوم الثامن):
لا تسقطوا هويتكم الجنوبية
قبل الخوض في الحديث عن الاحداث الجارية يجب أن نؤمن بأن شعب الجنوب يختلف عن شعب اليمن وأن الشعارات القومية المطالبة بالوحدة اليمنية لتحقيق الوحدة العربية شعارات خدعنا بها وأن هويتنا الوطنية الجنوبية تختلف عن هويتهم اللاوطنية والتي تنحصر في الولآت القبلية وما الحرب الدائرة هنا أو هناك الا تجسيد بأن القبيلة كانت ولا زالت عائق امام أي تقدم وعائق عن إحداث أي تغير جذري في المجتمع اليمني وأن زيفهم المتصاعد سابقا بأن ثورة التغير ستأتي لهم بدولة مدنية حديثة وزيفهم اليوم ان اليمن الاتحادي او دولة فيدرالية بإقليمين سوف يحل مشاكل اليمن هو ضرب من الخيال ونتعجب للبعض منا إعادة صياغة الوحدة بشكل حكم جديد بالفيدرالية وهذا ما يتم تداوله اليوم.
- يجب علينا أن نؤمن أن الوحدة الحالية وحدة جغرافية ولم تكن اليمن في يوم من الايام كيان سياسي موحد - يجب أن نؤمن أن اليمن مصطلح جغرافي وهو اتجاه من الاتجاهات الاربعة (كالشام مثلا والذي يعني اتجاه جغرافي يطلق على الدول الواقعة شمال الكعبة وليس ككيان سياسي موحد فلا اللبناني سوري ولا السوري لبناني وهكذا) ومن شدة تمسك اليمنيون بهذا الادعاء الكاذب نخشى أن يدعوا أن لهم شراكة في الكعبة المشرفة وبركنها اليماني كما كان ادعائهم لملكية كوكب المريخ ذات يوم .
ايها السادة.... إن الايمان بأن شعب الجنوب وهويته يختلفان عن شعب اليمن وهويته سيُسقط جميع المشاريع الصغيرة التي يُروج لها هنا وهناك . كما وأن الفوارق في الارث الثقافي يعيق دون اعادة صياغة الوحدة أو تحقيق الفيدرالية ومن ضمن هذا الارث هو الولاء القبلي وانعدام الولاء للوطن ففي ال(ج ع ي) يتجاوز النظام القبلي الولاء للوطن والسبب أن كثير من الافراد لم يتجاوز بعد حدود مصالح القبيلة التي ينتمون اليها .
إن الامكانيات المادية والبشرية للقبائل يتعاظم تأثيرها على اتجاهات القرار السياسي للدولة بفعل الولاء الداخلي للمصالح الخاصة فهل ثورة التغير التي قامت قلصت نفوذ القبيلة أو عملت على استخدام سياسة هادنه والتي هي أحد اسباب تكريس النفوذ القبلي أم ستعدم نفوذ القبيلة وهذا ما لا يمكن أن يحدث ولن يحدث لان تاريخ ال (ج ع ي) وحتى تاريخها في ظل الوحدة أتبث أن الصراع مع القبيلة أثر على مسار النمو السياسي في ال (ج ع ي) وما فشل الوحدة واعلان الحرب على الجنوب الا لدور القبيلة ونظرتها بأن الجنوب فيد ومغنم.
وسنستعرض للفيدراليين أن عودة التوحد مع هكذا نظام غير ممكن وسيصبح مصدر قلق وفتيل لبارود يمكن ان ينفجر بأية لحظة فمن يقرأ التاريخ جيدا لا يمكن له ان يعيد أو يكرر الاخطاء ومن يقرأ تاريخ ال (ج ع ي) يعلم تماما أن أوضح صور الصراع بين القبيلة والدولة هي تلك التي بدأت بعد ثورة 26سبتمبر 1962م
* ففي عهد الرئيس عبدالله السلال حصرت تلك الولات القبلية في إطار تلك المواجهات المسلحة القائمة
* وفي عهد القاضي عبدالرحمن الارياني وجد المشائخ طريقهم الى اروقة القرار السياسي في الدولة وباتوا يشددون الخناق على برامجها السياسية وشكلوا عبئا على ميزانية الدول
* وفي عهد محسن العيني رئيس الوزراء حينها وبسبب نفوذ القبائل في الدولة أشهرت الدولة إفلاسها التام وأصدر حينها محسن العيني قرار يلغي موازنة القبائل ، لكن الرجل لم يصمد في موقعه إذ ترتب على قراره هذا ردة فعل حادة جعلته يقدم استقالته وهنا نرى تنازل لارادة الدولة سياسيا لصالح القبائل ومصالحها المحدودة
* وفي عهد إبراهيم الحمدي الذي حاول على تحرير دولته من نفوذ القبائل من خلال ابعاد عدد من الاقطاب القبلية التي كانت تتولى مناصب قيادية في الجيش وبعض مراكز صنع القرار ، فتح الحمدي على نفسه جبهة قوية تآمرت عليه وكانت السبب في اغتياله
* وفي عهد الرئيس الطالح الهالك كان الرجل يتحاشى الصدام مع القبائل التي كان لها الدور في تقليده مقاليد الحكم عام 1978م . وبكل هذه القرآءه التاريخية وبقرآءة ما حدث طيلة اكثر من عشرين عام من احتلال الجنوب فإلى اين يذهب بنا دعاة الفيدرالية ؟ فهل دعاة الفيدرالية قادرون على انهاء هذا الارث الثقافي الذي سيكون عائقا امام اي نوع من انواع الحكم ؟
وهل يستطيع دعاة الفيدرالية أن يلغوا كل تلك المشاريع الضخمة لآل الاحمر أو غيرهم من القبائل والممولة من ثروات الجنوب ؟ إلى أين أنتم ذاهبون بنا ؟؟؟ الامم تتعلم من قرآءتها للتاريخ ، والمشاريع التي تروج إما لمصلحة آنية أو انه يريد اصحابها أن يثبتوا بأنهم قادة تاريخين لديهم النضج السياسي الذي يمكن ان يطيح بهم وجعلهم اضحوكة للرضع.