هيثم الزبيدي يكتب:
دع الوعود وابدأ العام الجديد
لا أستطيع أن أحصي بسهولة عدد الأصدقاء من المدخنين الذين يعدون أنفسهم بترك التدخين كقرار لا رجعة فيه مع السنة الجديدة. ما إن يدخل شهر ديسمبر علينا، حتى تبدأ التمنيات والوعود المقطوعة على النفس بالتداول. كلهم، تقريبا، يودعون سجائرهم باعتبار أن القطيعة قادمة، وأن الصحة أهمّ وأن التدخين يضرّ بالرئة والجيب معا، وأن المال الذي يمكن أن تُوفرّه بالامتناع عن التدخين يمكن أن يأخذك لسفرة سياحية تستعيد فيها ما فقدته من نضارة بسبب التدخين.
يأتي العام الجديد وأرى بعضهم يشاهد الألعاب النارية التي تستقبل السنة الجديدة وفي أيديهم سيجارة مشتعلة. في اليوم التالي يصارعهم إحساس كبير بالذنب، لكنهم يمنون النفس بأن مناسبة أخرى قادمة ستجعلهم يقطعون نهائيا مع “هذه العادة السيئة والمكلفة” باعترافهم وليس بوصفي.
لا أعرف ما هي العادة السيئة. هل هي التدخين أم وعود نهاية العام التي لا تجد فرصتها للتطبيق؟ لعل الإقلاع عن التمني والإيحاء بوهم الإرادة أفضل كثيرا من الإقلاع عن التدخين. “رحم الله امرَأ عرف قدر نفسه”. نحن نحس بالضعف أمام هذه الأشياء الصغيرة التي تشكل حياتنا. ربما نحن هي تلك الأشياء الصغيرة. إدمان التدخين أو تناول الحلويات أو الشوكولاته هي ممارسات شخصية جدا. هي تجسيد للضعف البشري الذي يجعلنا ما نحن.
شخصيا أعد نفسي منذ سنوات طويلة بأن أكون رياضيا. أن التزم بالذهاب إلى الجيم والقيام بتدريبات دورية، وعادة ما أخفق. مرة أتحجّج بالتعب ومرات بالانشغال والعمل. وأنا أدرك في قرارة نفسي أني لست من قماشة الرياضيين. كل مرة أقول إن لياقتي ستكون أفضل بعد الالتزام بالتمرينات ولكن ينقطع نَفَسي على ماكنة التمرين، وأعلم إما أني أتمرن أقل من اللازم أو كبرت، وإما الاثنان معا. مع الفشل في الالتزام يأتي الإحساس بالذنب.
قراري للعام الجديد إذًا هو ألّا أحسّ بالذنب. الإحساس بآلام الظهر بسبب الجلوس طويلا أمام شاشة الكمبيوتر أو بسبب الوزن (القليل) الزائد، أفضل كثيرا من هذا الإحساس بالذنب الذي يرافق فشل الالتزام بالتمارين. ماذا لو كنت مدخنا أيضا؟ كنت سأحتار ما هو القرار المطلوب. هل هو عدم اتخاذ القرار للعام الجديد أم تمارين أكثر أم بلا تدخين؟ هل دخول العام الجديد يعني أزمة نفسية أم بهجة؟ كنت سأتحطم نفسيا.
دع الوعود وابدأ العام الجديد. يوم 1 يناير هو يوم مثله مثل كل الأيام.