د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليمن عبر التاريخ !! (3)

الشماليون لا يأبهون لبناء علاقات فيها سوا للمصالح الخاصة !!
ولهم بعض الممارسات التي تقلل من احترامهم كالشحاذة في المساجد وأعمال التهريب والتسلل عبر الحدود وأعمال السطو والسرقة والجرائم الأخلاقية التي تودي بهم إلى السجون !!
أما الجنوبيون فأنهم يأنفون من ممارسة تلك الأعمال المشينة التي تدمر السمعة وتحط من كرامة الإنسان ومكانته الاجتماعية .
في العام 1948، زار البريطاني إدغار أوبالانس اليمن، وبدأ برصد أحوالها، واستغرب كيف أن اليمن لم تتغير، وقال: "إنّ الوصف الذي أوردَهُ جون جوردان أوّل بريطاني يزور صنعاء ويكتب عنها عام 1609 يظهر كما لو كان معاصراً لعام 1948، حيث لم يقع ثمّةَ تطوُّر في اليمن". عاشت "المملكة المتوكلية اليمنية" أكثر من نصف قرن، وانتهت مع إعلان ولادة "الجمهورية العربية اليمنية" إثر انقلاب عسكري قاده المشير عبد الله السلال في 26 أيلول- 1962. وفي عام 1959م أُنشئ "اتحاد الجنوب العربي" وانضمت إليه أكثر إمارات الجنوب في المحميات الغربية عدا سلطنتي القعيطي والكثيري في حضرموت ، وفي عام 1967م ، انسحب البريطانيون من الجنوب ، وتنافست على الحكم "جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل" بقيادة عبد القوي مكاوي، و"جبهة التحرير الوطنية" بقيادة قحطان الشعبي. وبمساعدة بريطانيا انتهى هذا الصراع بتسلم الفريق الثاني الحكم، وإعلان قيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"، "جمهورية عربية مستقلة مع إسقاط اسم وهوية شعب اتحاد الجنوب العربي ".
وقد تدخلت مصر الناصرية لمساعدة المشير عبد الله السلال منذ قيامها، وساندت المملكة العربية السعودية الموالين للمملكة المتوكلية، وشهدت البلاد صراعاً طويلاً بين أنصار الملكية وأنصار الجمهورية تحوّل سريعاً إلى صراع بين مصر والسعودية. ألقى عبد الناصر مصر بكل ثقلها في هذه الحرب، وأرسل إلى اليمن ما يقارب السبعين ألف جندي للمشاركة في القتال الدائر.
انسحبت القوات المصرية من اليمن بعد لقاء عبد الناصر بالملك فيصل بن عبد العزيز في الخرطوم ضمن مؤتمر القمة العربي إثر هزيمة 1967، واستمر القتال الداخلي في اليمن حتى العام 1970م.
توالت الانقلابات في اليمن كما في الجنوب على مدى سنوات.
تسلم علي عبد الله صالح رئاسة الجمهورية العربية اليمنية في العام 1978، بينما استفحلت الصراعات داخل أجنحة الحكم في الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب. توحّد شطرا اليمن أخيرا في أيار 1990، وتسلم رئاسة الدولة رئيس الشمال علي عبد الله صالح، وأصبح رئيس الجنوب علي سالم البيض نائباً للرئيس. لم تصمد هذه الوحدة طويلاً، فبعد أربع سنوات على إعلانها، تجددت المعارك بين الشطرين، وانتهت بهزيمة فريق الجنوب وإعادة توحيد الشطرين تحت رئاسة علي عبد الله صالح الذي أُعيد "انتخابه" رئيساً في العام 1997. واجه الحكم اليمني تمرداً جديداً على يد حركة أطلق عليها الإعلام الرسمي اسم "الحوثيين"، نسبة إلى قائدها حسين بدر الدين الحوثي الذي قُتل في أيلول 2004، وهو أحد زعماء الزيدية المدعوم من ايران. اتهمت السلطة هذه الحركة بالسعي إلى إطاحة الحكم والعمل على إقامة الدولة الزيدية على النهج الإيراني ، كما في زمن "المملكة المتوكلية اليمنية.
أنصار الله
عندما هبّت رياح "الربيع العربي" من تونس الخضراء في أيلول 2010، وبلغت مصر، ثم ليبيا واليمن. أعلن الحوثيون تأييدهم لثورة الشباب اليمنية، واتخذوا لأنفسهم اسماً جديداً، هو "أنصار الله".
في حزيران 2011، تعرض علي عبد الله صالح لمحاولة اغتيال في يوم جمعة أطلق عليه أنصاره اسم "جمعة الأمن والأمان"، في الوقت الذي سمّاه شباب الثورة والمعارضون "جمعة الوفاء لتعز الصمود".
نجا حاكم اليمن من الموت وذهب إلى السعودية للعلاج ، وهدأت التظاهرات بعد توقيع "المبادرة الخليجية" التي تبنتها السعودية وأقنعت صالح بالتنحي عن الحكم وتسليم سلطاته لنائبه المشير عبد ربه منصور هادي ومنح صالح حصانة من الملاحقة القانونية.
انتهت الثورة ولم ينته الصراع القبلي في اليمن. تفككت الجمهورية، وعاد الحوثيون إلى الحرب ضد الرئيس هادي وكل المكونات السياسية في اليمن ، وأعلن تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب العودة إلى العبث بأمن اليمن .
اشتعل الصراع القبلي واحتدم، وانقلبت التحالفات بحسب الضرورات. عاد علي عبد الله صالح إلى الواجهة وكأنه لم يغب يوماً وانتقاما من الجميع سلم صالح كافة مقدرات الدولة اليمنية للحوثيين ، ولجأ عبد ربه منصور هادي إلى عدن ثم الى ثم السعودية عن طريق عمان !!
، وباتت اليمن ساحة من ساحات الحرب المفتوحة تحت النفوذ الإيراني ، وهنا كان لابد من تشكيل التحالف العربي لصد النفوذ الإيراني .
وفي ظل هذه التجاذبات، تبدو "العربية السعيدة" اليوم أكثر تعاسة من أيّ وقت مضى، وتتفتت تحت وطأة الصراع المستعر بين أبنائها.
، وفي الختام نقول :
لقد قامت الممالك اليمنية القديمة منذ فجر التاريخ في الأودية الخصيبة في الجوف ومأرب وبيحان ومرخة وشبوة ففيها قامت الحضارات الإنسانية الكبرى لليمن وحضرموت وكانت كل مملكة تتوسع على حساب الأخرى من قوتها وضعف قرينتها

ويجب أن نقف مع أنفسنا بموضوعية وتجرد دون أن ننساق مع عواطفنا في الحكم على الوحدة اليمنية بتجرد التي لم تجلب لليمن غير الحروب والكراهية فهي ليست الركن الأسعد وليست مقدسة حتى لا نخوض في أسباب فشلها ...و ليست خطا احمر كما يقولون بل هي تجربة فشلها اليوم أكثر من نجاحها لأن البعض جعلها صنما جاهليا فهل لنا أن نعيد قراءة التاريخ بموضوعية بعيدا عن التعصب وتأجيج الكراهية وشحن الحقد في نفوس الأجيال؟؟
د. علوي عمر بن فريد.