فاروق يوسف يكتب:
هدنة مع قطاع الطرق
التفكير في المسألة اليمنية لا يجري دوليا بالطريقة الصحيحة.
هناك الكثير من المكائد والدسائس التي يُراد من خلالها مساواة القانون بالخروج عليه بالمعنى الذي يساوي بين المجرم والشخص المكلف بتنفيذ العدالة كما لو أنهما الشخص نفسه.
الحوثيون عصابة طائفية خارجة على القانون. ميليشيا قررت أن تفرض عن طريق السلاح ارادتها على الشعب اليمني من خلال الاستيلاء على مؤسساته الشرعية.
ليس الحوثيون سوى ذراع إيرانية ممدودة على البحر الأحمر. لذلك فإنهم لا يخفون تبعيتهم لإيران التي من جهتها لا تخفي رعايتها وتمويلها لهم من جهة اعتبارهم امتدادا لمشروعها التوسعي في المنطقة.
لقد انقلبوا على الحكومة الشرعية بعد أن وقعوا اتفاقا معها مستعينين برغبة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح بالانتقام من الشعب اليمني الذي يعتبر أنه خذله يوم أزاحه من السلطة.
وأخيرا فإن الحوثيين يسعون إلى بناء دولة دينية في اليمن على غرار قدوتهم الجمهورية الإسلامية في إيران.
كل تلك المعطيات الواقعية تضعنا أمام أوجه شبه عديدة بين الجماعة الحوثية وتنظيم داعش الذي اجتمعت جيوش العالم من أجل القضاء عليه.
الفرق الصوري الوحيد بين الاثنين يكمن في أن داعش هو تنظيم عابر للحدود. ولكن مَن قال إن الجماعة الحوثية لن تفعل الشيء نفسه لو أنها تمكنت من بسط سيطرتها على اليمن واستقر لها الحال هناك؟
الجماعة الحوثية التي هي احدى الواجهات الإيرانية في المنطقة لا ترى أن هناك ما يمنعها في التدخل في شؤون الدول الأخرى كما يفعل حزب الله استنادا إلى ما يمليه عليها الواجب الشرعي تنفيذا لتعليمات الولي الفقيه.
الحوثيون جماعة عابرة بإرهابها للدول مثلها في ذلك مثل داعش.
فهل يُخفى ذلك على الدول التي ترعى الحوار مع الحوثيين وتدعو الحكومة اليمنية الشرعية إلى التعامل معهم على أساس كونهم طرفا وطنيا؟
أعتقد أن هناك الكثير من النفاق السياسي في ما يتعلق بالرعاية الأممية للمسألة اليمنية في محاولة إنهاء الحرب على أسس يتساوى من خلالها رجال الدولة الحقيقيون والوطنيون بقطاع الطرق العملاء الذين يتحركون على خارطة عقائدية لا تعترف بالقانون الدولي.
وكما أرى فإن تلك الدول التي لا تزال تتبجح بمحاربة الإرهاب انما تقوم بالتغطية على جماعة إرهابية من خلال عقد هدنة مع الحوثيين كما لو أنهم طرف وطني له من الحقوق ما لدى الطرف الآخر الذي لا تزال تعترف بأنه يمثل الشرعية بدليل استمراره في تمثيل اليمن في المحافل الدولية.
ولكن كل تلك المساعي ستبوء بالفشل.
الحوثيون وهم الطرف المستفيد منها سيفشلونها. لا لشيء إلا لأنهم لا يرون في الدعوة إلى السلام، بغض النظر عن الجهة التي تتبناها إلا ضعفا. فهم في حقيقتهم جماعة إرهابية لا تخضع إلا للغة القوة. وهو ما سيضطر العالم إلى الاعتراف به متأخرا.
سيغريهم الموقف العالمي المترهل والمتساهل بارتكاب المزيد من حماقاتهم من أجل أن يؤكدوا ولاءهم لإيران التي تمر بأوقات عصيبة بسبب تداعيات الحصار الاقتصادي وما يمكن توقعه من فوضى إذا ما سدت الآفاق وشنت الولايات المتحدة وحلفاؤها حربا عليها.
ما لم تفكر به الدول الراعية لحوار يمني، يكون الحوثيون طرفا فيه أن تلك الجماعة تنتمي عضويا إلى المصير الذي صار على النظام الإيراني أن يواجهه. وهي لن تفعل شيئا ما لم يكن متوافقا مع آليات العمل التي يتم إقرارها في طهران.
مصير الحوثيين كما هو مصير حزب الله، يقرره مصير نظام آيات الله الحاكم في إيران.
لذلك فإن كل محاولة أية محاولة لإنهاء الحرب في اليمن، تقوم على أساس الحوار مع الحوثيين هي مجرد هواء في شبك كما يُقال.
ما لم توضع الجماعة الحوثية في مكانها الحقيقي لتأخذ صفتها باعتبارها جماعة إرهابية فإن حلا أمميا للمسألة اليمنية سينطوي على الكثير من النفاق الذي سيكون من شأنه أن يزيد من عذابات اليمنيين.