نبيل الصوفي يكتب:

انفصال الحوثي واكاذيب الوحدة الشرعية

يجهّزون لحملة تحريضٍ على الكراهية بعدن، بحُجة رفع علم الجمهورية اليمنية.

تمكن الدكتور معين عبدالملك من تهدئة الشارع في عدن، وتجنُّب المطبات التي كان يذهب إليها الدكتور أحمد بن دغر مصراً أن العلم الذي قاتل تحت رايته أبناء عدن هو مشكلته الوحيدة التي إذا أسقطه قامت دولته ووحدته وجمهوريته.

قاتل أبناء الجنوب، ضد الحوثي تحت راية يرونها تمثل أحلامهم في الاستقرار والأمان، في الوقت الذي كنّا، نحن في صنعاء، ندعي أن ما يرفعه الحوثي من علم هو الوحدة والجمهورية..
وفي الوقت الذي هرب فيه الرئيس الشرعي وكل شيء شرعي تاركاً عدن لذات العلم الذي رفعه الحوثي وادعى أنه في عدن لأجل رفعه وتأكيد حضوره.

جاء الدكتور معين، مدركاً أنه في وضع كهذا الذي نعيشه فإن المعارك "العلمية" هذه هامش لا قيمة له.
السعودية هي التي تصرف على الشرعية.. والإمارات هي التي تقاتل بدالها.. 
علم السعودية حتى فوق بوابير المحطات البترولية..
والسفير السعودي يقول "سأضغط على هادي للقبول"..
وهنا يتوجب التذكير أنه أصلاً لولا دعم السعودية والإمارات هذا، لكن هادي اليوم ملفوفاً في ذات العلم داخل قبر حوثي.. مثله مثل آلاف اليمنيين الذين فشلت دولتهم في التماسك فانهارت وابتلعها الحوثي بدون متاعب وفي ظرف أسابيع.
ولا يهم من هو السبب.. لا أمانع الآن أن تقولوا الزعيم سلّمها أو هي من نفسها ذهبت راجلة إلى عبدالملك أو للسجن حتى.

الآن لدينا ما هو أهم من الجدل البيزنطي هذا، من سلَّم وماذا سلم.. 
لدينا اليوم جهود تسليم جديدة.. دعونا نتجنب وقوعها.

وبعد أشهر من تهدئة معين لعدن.. وللمرة الثالثة يقفز لنا طرف طفولي جديد، يتحدث عن وجوب رفع العلم الذي قاتلت عدن ضد دولته مرتين.. مرة في 94 ومرة في 2014م.

عدن نفسها، قد "تعامست"، واستعاد العلم الجنوبي، مكانته قبل مايو 1990، حين كان هذا العلم هو علم الحركة الوطنية جنوباً وشمالاً في طريق الحديث عن وجوب استعادة "صنعاء" من يد الرجعية والظلامية والاستبداد والإمامية.

عدن اليوم، تفتح ذراعيها لآلاف الناس.. نحن الذين كنا بصف الحوثي ضد عدن، التحقنا بمن سبقنا من قوى حرب 94 وصارت قيادات الإصلاح والمؤتمر وبقايا الدولة وبقايا الثورة وبقايا النظام.. موزعين في شوارع عدن ومطاعمها وفنادقها.
نعيش مع علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بعد أن رفضتنا سلطة جماعة ترفع علم الجمهورية اليمنية.

جهود تمزيقية لإثارة التوتر في مناطق الأمان الوطني.
تفكير قاعدي حوثي داعشي، يدّعي الوطنية والقومية والاستقلال..
يرفع علم السعودية والإمارات عالياً، ويستلم منها مصالحه كلها.. لكنه يرى علم الجنوب استفزازاً.

أي جهد للأذى هذا..
أي ضبابية..
أي مدى ستقودنا إليه نخب أفشلت ثورتين، ودولتين.. ووحدة، وثورة ومبادرة من جديد..؟؟!

أيها المحترمون.. الانفصال تم هناك في صنعاء، تحت راية ذات العلم الوحدوي. فيما علم الجنوب، يوحدنا اليوم ضد هذا الانفصال الذي تم في الشمال.
هو علمنا اليوم.. إن قبل هو بنا، وما زلتم أنتم تتشرطون عليه.
ما هذا الهزال العقلي والتنطع الأخلاقي.

تنازل الشرعية والتحالف عن صنعاء للحوثي، عبر اتفاق السويد.. هو قبول بالانفصال الحوثي عن اليمن.
تبقون للحوثي صنعاء بدولتها وعلمها ودستورها وقوانينها، ثم تدعون الوحدوية؟
أي وحدوية هذه؟
لماذا تريدون إيذاء "عدن" بحديث وعلم وشعارات لا منها ولا عليها.. 
فقط ستمزّقون أيَّ تفاهمات توصل إليها الناس العاديون البسطاء المواطنون في الطرقات والشوارع والأحياء للحياة معاً.. 
بعيداً عن أعلامكم وشعاراتكم وصفاقتكم.

إن لم تستطيعوا استعادة صنعاء، فأنتم تقولون لكل منطقة يمنية إما تعودين تحت سيطرة الحوثي، أو ابني لك دولة تأمني بها من الحوثي.

وهكذا تسمعكم هذه المناطق..
تقولون هذا لمأرب.. وهذا ما تفعله تلك الدولة هناك والتي تتجذر سلطة للهاربين من صنعاء، بقايا النظام أو بقايا الثورة. وتتحملها القبائل على مضض، لأنها ضد الحوثي أولاً..

وتقولونه لعدن التي آوت اليمنيين كمواطنين لم تتسع لهم فنادق الرياض وأبوظبي.. لم تتسع لهم أسواق السعودية لا للعمل ولا للنزوح..

ثم تسعون لتعكير صفو عدن، بدعاوى وشعارات الحوثي نفسه.
الحوثي هو يرفع ذات العلم.. ويقول ذات الشعار.. ويدعي أنه حامي حمى الجمهورية اليمنية، ويمثل كل الجمهورية اليمنية بما فيها عدن نفسها، معه في صنعاء حتى محافظ لعدن.

كل الناس معكم لاستعادة صنعاء، بمن فيهم أكثر الناس رفضاً لدولة صنعاء، لأن الناس ترى استعادة صنعاء واجباً وطنياً وقومياً وإسلامياً.
توحد اليمنيون على هدف عام وتلقوا لأجله دعماً قومياً كبيراً، وهذا لم يتحقق منذ عشر سنوات على الأقل.
فلماذا تعبثون بوحدة الهدف هذا، وتمزِّقون جبهته في معارك هامشية.

بين مأب وصنعاء حدود.. هي نفسها التي بين صنعاء وتهامة.. وصنعاء وعدن.
وهذه الحدود يراها اليمنيون لصالحهم..
يأمنون بها من شر الحوثي وأدواته..
أما أن تقودوا الناس لاقتحام هذه الحدود لاستعادة صنعاء وإعادتها لليمنيين جميعاً.. وإلا فأنتم تتنازلون عن آخر قلاع الوحدة الوطنية، وتسعون للترزق بالأزمات داخل كل منطقة، كأنكم تعاقبون هذه المناطق على تحررها من الحوثي وقبولها بكم..
كأنكم تقولون لكل منطقة توحدت معكم ضد الحوثي، كنت مخطئة.. سنذيقك الويل الذي نعجز عن فعله بالحوثي إذ طردنا من مناطقه واستراح..

المخاطر الكبرى.. تتطلب إرادة أكبر، لا المزيد من التصاغر والتحلق حول الماضي وذواته وأدواته.

جمعة مباركة لك "عدن".. مدينة الله وخلقه.