فاروق يوسف يكتب:

إيران هي مشكلة اللبنانيين وليست إسرائيل

لا يملك زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله مشروعا سوى الحرب.

الحرب هي مشروعه الذي استلهمه من فكر معلمه وقدوته ورمزه الخميني.

الحاجة إلى الحرب هي الدافع لقيامها والتمسك بها خيارا وحيدا.

لا يحتاج نصرالله إلى أسباب لكي يعلن حربه. فهو موجود من أجل أن تكون نار تلك الحرب مستعرة. فالحياة من وجهة نظره هي ساحة حرب ليس إلا.

هو في ذلك لا يختلف عن أسامة بن لادن أو ابي بكر البغدادي في شيء.

هناك فرق واحد يميزه عن مجانين الحرب الدينية الدائمة الآخرين هو أنه أتيحت له الفرصة للتحكم بمصير بلد وشعب.

وهي ميزة تجعله أشد خطورة من كل ما أنتجته ماكنة الإرهاب من أشرار.

فحين يتحدث نصرالله عن الحرب فإنه يعني وضع لبنان وشعبه على السواتر الامامية لتلك الحرب. فإذا كان بن لادن يقاتل بمجاهديه والبغدادي بدواعشه فإن نصرالله يحارب بالشعب اللبناني كله.

يعرض سيد المقاومة بلدا بأكمله للخطر من أجل أن يكون وفيا لنظرية امامه.

ذلك البلد عاجز عن تأليف حكومته لا لشيء إلا لأن نصرالله يريدها حكومة حرب. حكومة تكون تابعة لحزبه. مؤمنة بمشروعه. خاضعة لإملاءات الولي الفقيه في طهران.

انتصر نصرالله على لبنان قبل أن ينتصر على اللبنانيين حين سرق منهم دولتهم. صار على اللبنانيين حسب نظريته في العمل الثوري أن يقفوا على بابه متسولين من أجل أن يسمح لهم بالنفاذ إلى جزء من دولتهم المدنية، وهي دولة صارت حدودها تضيق مع الوقت.

اللبنانيون يملون ساعتهم برمل الحرب التي يتوعدهم بها نصرالله. فهو يخرج عليهم بين حين وآخر ليزف لهم خبر اقتراب ساعة الصفر.

ستوجع صواريخه الإيرانية إسرائيل التي ستوجعهم.

سيُقال إن نصرالله هو نتاج البيئة الطائفية اللبنانية غير أنه قول ناقص ويناقض الحقيقة. فاللبنانيون كانوا يختلفون داخل لبنان وليس على لبنان. كان لبنان دائما فوق كل خلاف، بل أن البعض من اللبنانيين وصل بلبنان إلى درجة القداسة التي لا تُمس.

اما حسن نصرالله فإنه يضحي بلبنان من أجل أن التعبير عن إخلاصه لأولياء نعمته ومرشديه في إيران. 

لم تكن حروب اللبنانيين في ما بينهم تهدف إلى تدمير لبنان وإن كانت قد فعلت ذلك على أرض الواقع. اما حروب نصرالله فإنها تجر لبنان إلى المقصلة وتتعهد بتقديم رأسه هدية للإيرانيين الذين يسعون إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط كلها إلى ساحة لحروبهم التي لن تنتهي.

من الواضح أن كذبة الحرب مع إسرائيل ما هي إلا تمويه يجري من خلاله إضفاء نوع من الشرعية على استيلاء مجموعة من قطاع الطرق على الحياة في بلد، لم يعد شعبه يرى خلاصا له إلا من خلال تدخل دولي يُعيد دولته إليه، وهو أمر ليس صعبا إذا ما نجح المجتمع الدولي في تطويق إيران واحتوائها وقطع سبل امدادها لحزب الله.

إيران هي مشكلة اللبنانيين وليست إسرائيل.

تلك حقيقة تهدم كل النظرية التي اقام من خلالها حزب الله شرعية استيلائه على الدولة اللبنانية.