فاروق يوسف يكتب:

الطريق إلى الله لا تمر بميدان رابعة

انتهى عصر جماعة الاخوان المسلمين في مصر. غير أن هناك مَن لا يزال يراهن على بث الروح في جثة تلك الجماعة التي ثبت بالملموس أنها كانت المدرسة التي تخرج منها ارهابيو العصر الحديث الذين نشروا الموت في بقاع مختلفة من العالم العربي.

جماعة الإخوان لا تنكر علاقتها بالإرهاب العالمي بل هي تتبناه في أدبياتها.

الدول التي تدعم جماعة الإخوان بالمال والسلاح والدعاية والأحلام تعرف هي الأخرى أنهم ماضون في مشروعهم في الحرب على المجتمعات المدنية في المنطقة من أجل اعادتها إلى مرحلة ما قبل المدنية.

المفارقة تكمن في أن واحدة من أكثر الدول الراعية للإخوان اهتماما بمصيرهم وحماسة لعودتهم إلى حكم مصر تحظر نشاطهم على أراضيها. تلك دولة إخوانية الفكر والسلوك غير أنها ليست كذلك في ما يتعلق بصورتها أمام العالم وأسلوب تعاملها مع مواطنيها.

لعبة إخوانية لا أظنها تمر بيسر على من يعرف الاخوان جيدا.

فالإخوان لا يمانعون في أن تمثلهم امرأة غير محجبة في الحكومة أو البرلمان وهو ما يحدث في تونس في حين أنهم يفرضون الحجاب على النساء باعتباره التزاما أقرته شريعتهم.

ما افتضح من أمر الإخوان في مصر يمكن النظر إليه باعتباره شهادة على نهاية علاقتهم بالمجتمع المصري الذي نجحوا في توريط نسائه بالحجاب الذي صار أشبه بالعرف الاجتماعي.

لا أعتقد أن النساء المصريات المحجبات الآن يمكن أن ينظرن إلى صور جداتهن وأمهاتهن غير المحجبات بغضب. كان ذلك زمنا عظيما.

أعتقد أن فكرة حجاب المرأة وهي جزء من تاريخ الهيمنة الاخوانية على مصر ينبغي التصدي لها، لكن عن طريق ثقافة تضع الأمور في نصابها.

يراهن الإخوان على أن عودتهم إلى الحكم ممكنة من خلال حجاب النساء.

ذلك أمر ينبغي النظر إليه بطريقة جادة.     

لقد أرست جماعة الإخوان قواعد عملها بعد أن استطاعت أن تخترق مجتمع الطبقات الفقيرة عن طيق ما تسميه بمظاهر الالتزام الديني.

هي واحدة من أكثر أساليب الاخوان خبثا في ضمان بقائهم في اللاشعور الجمعي لدى فئات مختلفة من المجتمع بدءا من الطبقات المسحوقة في حال نجحت الدولة في الانتصار عليهم واستبعادهم.

وهو ما يحدث في مصر.

هو ما يجعل الدول والقوى المخابراتية الداعمة للإخوان في حالة من الاطمئنان إلى هزيمة الاخوان في مصر لن تكون نهاية السباق. هناك نوع من الرهان على المطاولة. وإذا ما كانت جماعة الاخوان لا تملك خيارا بديلا فإن الدول والقوى التي تراهن عليهم لا تملك سواهم في ذلك التحدي الذي يهدف إلى تهشيم المجتمعات العربية من خلال استضعاف أنظمتها واختراق أجهزة الحكم فيها.

حين تم اختراع التنظيمات الإرهابية بدءا من القاعدة وانتهاء بداعش لم يكن الغرض من اختراعها أن تكون بديلا معتمدا عن جماعة الاخوان، بالرغم من أن تأسيس تلك التنظيمات قد أقيم على أساس ثقافة إخوانية.

فجماعة الاخوان تمثل ما هو ثابت وارسخ في المعادلة التي تمثل فيها التنظيمات الإرهابية ما هو متحرك ومؤقت.

كان الغرض الخفي من ذلك أن تبقى الجماعة بعيدة عن شبهات الإرهاب.

غير أن الوقائع على الأرض تثبت أن الاخوان حتى في حالة ضعفهم فإنهم يمكن أن يمارسوا إرهابا مجتمعيا من خلال استعمالهم للدين سلاحا في إشاعة الخوف والذعر من الآخرة في صفوف الاميين الذين تزايدت أعدادهم في العالم العربي وتمكن البعض منهم من الصعود إلى مكانة جعلته قادرا على التحكم بحركة السوق بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام.       

لذلك فإن حرب الاخوان لن تنتهي بمجرد استبعادهم عن الحكم. تلك الحرب يمكن أن تنتهي إذا تم استئصال ثقافتهم.

يوم يدرك الفقراء أن الطريق إلى الله لا تمر بميدان رابعة يمكننا القول إن جماعة الاخوان قد تم قبرها.