فاروق يوسف يكتب:
ماذا يفعل الغنوشي في الدوحة؟
ما الذي يفعله راشد الغنوشي في الدوحة؟
سؤال ساذج. الغنوشي هو إخواني معتق، يطارده سؤال قد يقضي على مستقبله السياسي ومستقبل حركته. ذلك السؤال يتعلق بتمويل حركة النهضة التي يتزعمها.
وكما يبدو فإن الوصفات القديمة الجاهزة لم تسعفه في العثور على حل لعقدة ذلك السؤال، لذلك ذهب الى المطبخ الاخواني الرئيس، فلربما أسعف إلهامه بوصفات جديدة.
الغريب أن الدوحة لا تجد حرجا في الإشهار عن دورها التقليدي في رعاية فروع جماعة الاخوان المسلمين ومنها حركة النهضة.
يبدو كل شيء مستقرا في المطبخ الاخواني، بالرغم من أن هناك دولا عربية أربع كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية بالدوحة بسبب ما ينطوي عليه سلوكها من شبهات تتعلق بدعم الإرهاب وتمويله والترويج له إعلاميا.
ترى ألا يشعر نظام الحكم في قطر بخطورة ما يفعل؟
الغنوشي على سبيل المثال والذي تستقبله الدوحة بين حين وآخر هو رجل مشكوك بولائه الوطني. ذلك لأنه في كل توجهاته لا يرى في تونس سوى مطية يستعملها للوصول إلى حلمه الاخواني الغامض الذي هو جزء من قسم البيعة.
الغنوشي الذي يعتبر نفسه خبيرا في الضحك على تونس وشعبها يمكن اعتبار استقباله في الدوحة بمثابة اعتراف من قبل قطر بأنها ترعى المتاجرين باسم الدين للوصول إلى منافع سياسية، بالرغم من أن تلك التجارة صارت متخصصة بالانتحاريين والسيارات المفخخة وبجهاد النكاح والاغتيال السياسي.
الغنوشي رجل تحوم حوله الشبهات في بلده وهو رجل يتاجر بالتشدد.
لا أعتقد أن الدوحة في حاجة إليه بقدر ما هو في حاجة إليها. لذلك كان من الممكن أن يزورها سرا من غير إعلان، إلا إذا كانت الدوحة تراهن على حضورها في تونس من خلاله. وهو أمر مستبعد في ظل النفور الشعبي التونسي من قطر.
استفادت حركة النهضة من حالة الانقسام والتشرذم التي تعيشها القوى المدنية التي تقف في مواجهتها. ولكن ذلك لن يستمر إلى أمد طويل ولن تتمكن النهضة من المجتمع التونسي الذي عبر غير مرة عن حرصه على مستقبل دولته المدنية وهو خيار بورقيبة الذي لن يتنازلوا عنه.
لذلك يمكن القول إن استعادة الحضور في تونس لم يكن هو الهدف من استقبال الدوحة للغنوشي. فهي كما يبدو ملزمة باستقباله، في ضعفه وفي قوته. ذلك لأنه رجلها هناك.
"رجلها هناك" هو تعبير مضحك إذا ما تعلق الأمر بقطر. وهي دولة صغيرة أتمنى لها أن تكتفي بسعادة مواطنيها وتنفق ثرواتها في سبيل اسعادهم.
ألا تكفي سعادة المواطنين هدفا للحاكم؟
بالنسبة لقطر فإن استراتيجيتها الاخوانية لن تنقعها على المدى البعيد. هناك خطأ في المنظور السياسي. ذلك الخطأ سيضيق الخناق عليها. فهي دولة لم تعلن التزامها بالمنهج الإخواني وإلا لما كانت مستعدة لاستقبال "كاس العالم لكرة القدم" لعام 2022.
وكما أرى فإن ذلك التناقض سيحرج نظامها أمام شعبها بعد أن وضعها في موقف سلبي أمام الآخرين.
فقطر لا يمكن أن تفاخر بإخوانيتها في مقابل عزلتها عربيا. ذلك لأن الاستمرار في رعاية تنظيمات مشتبكة بالإرهاب والقتل والخراب مثل حركة النهضة قد يؤدي إلى التهلكة التي لا يتمناها أحد لشعب قطر.
ليس من الصحيح الاستمرار عنادا في الخطأ.
ولا يليق بدولة أن تكون مطبخا لإعداد الأطعمة الفاسدة والمسمومة ومن ثم تصديرها إلى الدول الأخرى من خلال جماعات إخوانية ستلحق عاجلا برأس الأفعى الذي تم قطعه في مصر.
سيكون من اللائق بقطر وهي تستعد لاستقبال مباريات كأس العالم 2022 أن تعيد النظر بسياساتها التي تضعها في موقع المواجهة مع المجتمع الدولي الذي قد يعلن صراحة موقفه الغاضب من الدول التي ترعى الإرهاب وتأوي أو تستقبل رموزه.
ما ينبغي على الدوحة أن تفهمه أن الغنوشي رجل لا مكان له في ستقبل تونس. ولا يعبر استقباله والاهتمام بمصيره إلا عن عناد، لن يحمل إلا الشؤم لشعبها.