فاروق يوسف يكتب:
ما على اللبنانيين سوى الانتظار
بعد أن شكلت إيران حكومتها في لبنان، كان من الطبيعي أن يكون محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني أول المهنئين.
لقد تصرف النظام الإيراني بحكمة ولم يرسل قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس للقيام بتلك المهمة.
حل ظريف محل سليماني ليضفي على الزيارة طابعا رسميا. حكومة تهنئ حكومة وما بينهما يقف الشعب اللبناني متفرجا.
سبق زيارة ظريف بيان أصدره مجلس الامن الدولي تعبيرا عن شعوره بالراحة لأن لبنان سيرتاح من عقدة تشكيل الحكومة أخيرا.
كان ذلك البيان الذي طالب بحصر السلاح بيد الدولة هزيلا إلى درجة، تدعو إلى الضحك والبكاء معا بالنسبة للبنانيين.
ما لم يكن يتوقعه اللبنانيون أن يقوم المجتمع الدولي بإحباطهم ودفعهم إلى الثقة بيأسهم، حيث لا أحد يقف معهم.
كان رهانهم على المجتمع الدولي يقوم على وهم، محا ذلك البيان أثره بطريقة، صار عليهم معها اما أن يستسلموا لحزب الله باعتباره قدرا دوليا أو أن يقاوموه معتمدين على قوتهم الذاتية.
ما لا يتوهمه أحد أن القوى الكبرى التي تقف وراء استصدار ذلك البيان لا تعرف شيئا مما يجري في لبنان.
فالحكومة التي شكلها حزب الله ومن ورائه إيران ما كان من الممكن أن تقوم لولا استقوائها بسلاح غير قانوني هو الذي دعا البيان نفسه إلى نزعه.
تناقض لا يمكن تفسيره إلا باعتباره نوعا من التخلي عن لبنان، دولة مستقلة وذات سيادة وكان أحد أبنائها قد شارك في اعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 وأقصد شارل مالك.
التخلي عن لبنان بتلك الطريقة الفجة والمبتذلة هو عمل لا يليق بالمجتمع الدولي الذي لطالما تبجح بوقوفه مع الشرعية ودفاعها عنها.
فليس من الشرعية أن تفرض ميليشيا مسلحة وممولة من دولة أجنبية ارادتها على شعب بأكمله من خلال تشكيل حكومة، من المفترض بها أن تُدير شؤونه الداخلية وعلاقاته بالشعوب الأخرى.
تلك هي حكومة الامر الواقع وهي حكومة غير شرعية بالضرورة.
وإذا ما كان الشيخ سعد الحريري قد ارتضى أن يكون واجهة لحكومة فرضها حزب الله فما ذلك إلا تعبيرا عن خنوعه لنظام محاصصة ملفق ومصطنع، كان الأولى بفرنسا وهي الدولة التي اخترعته أن تحتج على هزاله ورثاثته. فمن خلاله صارت طوائف وأقليات لبنان كلها تخضع لسياسة قطاع الطرق الذين يتزعمهم حسن نصرالله وهو أحد خدم الولي الفقيه.
وإذا ما عدنا إلى زيارة ظريف، يمكننا القول إنها تنطوي على رسالة بليغة إلى الإيرانيين ورسالة أخرى خبيثة إلى العرب. اما رسالتها إلى المجتمع الدولي فقد لخصها بيان مجلس الامن.
"في مواجهة الشروط الأميركية لرفع العقوبات الاقتصادية ها نحن نحقق اختراقا عظيما، نؤكد من خلاله هيمنتنا على المنطقة" ذلك ما يمكن أن يقوله طريف في محاولة منه لإنشاء خارطة طريق للحوار مع الولايات المتحدة، تستبعد المشروع التوسعي الإيراني من ذلك الحوار.
يمكن لإيران أن تتخيل أن انتصارها في لبنان سيفيدها في الحوار مع الولايات المتحدة. ولكن ذلك الانتصار سيكون هامشيا في مقابل ما يمكن أن يدفعه النظام الإيراني ثمنا لاستمراره في الحكم.
في الحالين فإن لبنان لن يكون سوى ضحية.
لقد تخلى المجتمع الدولي عنه ولم تعره الولايات المتحدة التي تسعى إلى احتواء إيران اهتماما يُذكر، غير أنه لا يزال مدرجا في مشروعها الأكبر في منطقها والذي يهدف إلى إعادة إيران إلى حجمها الطبيعي.
ما على اللبنانيين سوى الانتظار. وهو انتظار لا أعتقد أنه سيطول.