فاروق يوسف يكتب:

الموت هو الخطأ

معك يمكن للمرء أن ينشغل بأمر آخر، لم تكن لديك مشكلة في أن لا يُنصت لك، كنت تعرفين أن أفكارك عن النضال صارت قديمة، غير أن ما يعزز تمسكك بتلك الأفكار أنها تشعرك بحياة، لم يعشها أحد سواك. كانت تلك حياتك التي ظلت سرية مثل حافظة نقود، كان عليّ أن أندم لأني لم أسألك، ولكنني في كل الساعات التي التقينا فيها كنت أشعر أنك لا تنتظرين سؤالا.

لقد تعرفت على حياتك الشخصية من خلال هذيان لم يكن صخبه يهدأ، كنت تلك المرأة التي عبرت الحدود التي تفصل بين الكائنات، برية وبريئة، شرسة وراضية، مشاكسة وأخوية.

وحده الجمال يمكن أن يوقعك في مصيدته، لم ترسمي شيئا يوحي بواقعيتك المحيرة، كان خيالك جاهزا، وهو خيال المرأة التي ولدت في مكة.

هل كان يهمك أن تكوني استثناء؟ أنت كنت ذلك الاستثناء بالرغم من أنك لم تعلني ذلك، لربما كنتُ أراك بطريقة توحي بأني لن أخسرك أبدا مهما أخطأت، ذلك لأنك لديك قدرة على الغفران لا يمتلكها أحد.

يبدو المرء بربريا في مقابل سلامك، كان عليّ أن أنتبه إلى أخطائي التي صارت بالنسبة لك مُلكا شخصيا يعزز صداقتنا، في مدن عديدة مشيت معك وأنا أنظر إلى قدمي الرسامة الرائدة في بلدها.

كنت أنصتُ إلى وقع خطواتك، على البحر الميت كدت أصدق أن يونس الذي ابتلعه الحوت صار يحدثك، يا سيدتي وسيدة الرسم السعودي ستكون حياتي صعبة من غير أن أتلقى نداءك عبر الهاتف. أريد أن تزعجيني في الصباح بسبب فارق الوقت، قولي أي شيء مهما كان غريبا، يهمّني أن أشعر أن الحياة في الجانب الآخر لا تزال غاصة بنشوتك.

في آرت أبوظبي طلب منك عبدالرسول سلمان أن تتنحي جانبا لكي يحدثني، كنتُ أنظر إليك ولم أظن أن تلك النظرة كانت هي النظرة الأخيرة التي ألقيها عليك، منيرة موصلي الموت لا يصحح الخطأ.. إنه الخطأ الذي لا يُصحح.