فاروق يوسف يكتب :
جحيم العلاقة بإيران
إذا كانت إيران لا تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط فما هي الدولة التي تقوم بذلك، بحيث صارت الفوضى تُدار من داخل دول، قامت إيران بالتدخل في شؤونها بشتى أنواع الطرق المعلنة والخفية مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن؟
الغريب في الامر أن الدول التي تدافع عن إيران تتستر على ما لا تُخفيه إيران نفسها من انتهاكات تقوم بها في حق سيادة تلك الدول ومن مسؤوليتها عن تمويل ودعم ميليشيات طائفية أخضعت مجتمعات تلك الدول لشرائعها بقوة السلاح الإيراني.
الأكثر غرابة أن دولا أوروبية تسعى إلى أن تخفف من تأثير العقوبات الأميركية على إيران لا تخفي استياءها من برامج التسليح الإيرانية وبالأخص في مجال الصواريخ البالستية في الوقت الذي لا ترى فيه إحدى الدول العربية وهي تدافع عن إيران أي خطر في تلك البرامج. وهو سلوك يكشف عن قدر هائل من البلاهة السياسية بالرغم من أنه يتم لأسباب كيدية، لا علاقة لها بأي منظور سياسي.
لو كانت تلك الدولة حليفة لإيران حقا لكانت نصحتها بالكف عن سياساتها التي قد تجرها إلى الكارثة في وقت قريب. اما لو كانت تسعى إلى توريط إيران أكثر في الإضرار بالآخرين كرهاً بهم فإنها من خلال ذلك تلعب دورا قذرا مكشوفا قد يجرها إلى التهلكة قبل أن تهلك إيران.
فالوضع العصيب الذي تعيشه المنطقة لا يتحمل أي نوع من المزاح.
ما بعد مؤتمر وارسو لن يكون شبيها بما قبله.
وإذا ما افترضنا أن تلك الدولة المدافعة عن إيران لا ترى ضررا في أن تقوم إيران باحتلال دول عربية ودعم جماعات إرهابية، هي مجرد واجهات محلية للحرس الثوري الإيراني صارت تعمل لنشر مبدأ الإذعان لتعليمات الولي الفقيه فإن ما يجب أن لا تغفل عنه أن هناك قوة عظمى اسمها الولايات المتحدة قد قررت أن تضع حدا للهيمنة الإيرانية. وكما هو معروف عن تلك القوة أنها تعتبر أصدقاء عدوها أعداء مباشرين لها.
"اما معنا أو ضدنا".
أوروبا تعرف ذلك المبدأ. لذلك فإنها تتعامل مع الأمور التي تتعلق بالولايات المتحدة بحذر شديد. ومن ذلك فإن أوروبا ليست مستعدة أن يلحق ضررا بشركاتها بسبب التعامل مع إيران.
غير أن الأمور تبدو مختلفة بالنسبة لتلك الدولة العربية. وهو ما يدفع إلى الاستغراب والشعور بالحيرة. في ظل الوضع السياسي العالمي الراهن فإن الأغبياء وحدهم هم الذين يقفون في وجه قوة شرسة وعنيفة مثل الولايات المتحدة. يمكنك أن تتحاشى الصدام بها من خلال دفعها إلى عدم التفكير فيك. اما أن تتصدى لها فأنت واحد من أثنين. أما أن تكون انتحاريا وهو الوصف الذي يليق بنظام آيات الله في إيران ومن قبله نظام صدام حسين أو أنك تحظى برعاية خاصة من قبل الولايات المتحدة التي كلفتك بالقيام بذلك الدور.
وكما أرى فإن الولايات المتحدة ليست في هذه المرحلة في حاجة إلى أن مَن يقوم بمشاكستها في ما يتعلق بمشروعها الهادف إلى تحجيم إيران واحتوائها وانهاء هيمنتها على دول عربية.
تلك واحدة من أهم بداهات الوعي السياسي في هذه المرحلة.
قد لا يصدقني الكثيرون إذا ما قلت إنني أتوقع أن الكارثة التي ستحل بإيران ستسبقها كارثة صغيرة، هي بحجم تلك الدولة العربية التي تؤيدها.
فإيران في ظل نظام الملالي هي بلد مشؤوم لا يجلب إلا النحس.
وإذا ما كانت تلك الدولة قد بقيت حتى اللحظة في منأى عن خبث ودناءة النظام الإيراني فلأنها كانت محمية بغطاء القاعدة الأميركية. اما حين يستعمل الأميركان تلك القاعدة في هجومهم على إيران فإنها ستجد نفسها في الجحيم.