ولاء عمران تكتب:
فاضل على الحلم خطوة
كان حلما صدقته وكنت على يقين بأنه سيأتي يوم ويتحقق، كنت دائما مؤمنة بشكل قطعي بأن الأحلام تراها متجسدة على أرض الواقع إذا صدقت أحلامك، تحقق حلمي وزرت الجنوب العربي ورأيته بعيني محررا، وأبناءه سيطروا على كل شبر فيه، رأيت بعيني واقعا يدعو للزهو والفخر، لا أنكر أنني في وقت ما استسلمت لليأس وشعرت بالإحباط من حالة البطء في الإعلان عن الاستقلال، وكنت ألقي اللوم على المجلس الانتقالي، نظرا لتعجلنا جميعا في استرداد الأرض، لكنني لم أشك للحظة يوما ما في وطنية المجلس وعشقه لأرضه، مؤمنة به وبأنه الأمل الوحيد الذي سخره الله ليخلص الأرض وينقذ الشعب من براثن هذه الوحدة الظالمة، إيماني بوطنية كل مسؤول فيه كإيماني بجيش وطني مصر، لكن هذا لم يمنع أبدا انتقادنا أوقاتا كثيرة له وتقبلهم لهذا بكل صدر رحب.
حالفني الحظ لأزور دولة الجنوب العربي الذي حفظت شوارعه ورأيته بقلبي قبل عيني، بدعوة من رئيس الجمعية الوطنية اللواء أحمد سعيد بن بريك الذي طالما استمع لثرثرتي وانتقادي وتعجلي، وكان دائما يكتفي بكلمتين «القادم أفضل» وشعب الجنوب مسيطر على أرضه، لبيت الدعوة لحضور الدورة الثانية غير العادية للجمعية الوطنية والتي أقيمت بمدينة المكلا بأرض الحضارة والأصالة والأدب والفنون حضرموت، شاهدت الشعب يخرج للشوارع مهللين فرحين ومستبشرين بقيادتهم، يخبرونهم بأنهم الأمل والسفينة التي ستعبر بهم وتوصلهم إلى طريق التحرير والاستقلال.
انعقاد الدورة في حضرموت كانت له دلالة ورسالة واضحة لأصحاب النفوس الضعيفة التي تعيث في الأرض فسادا وتشعل الفتن، ما رأيته على مدار خمسة أيام من فاعليات ولقاءات فنية وثقافية وسياسية ونظام لا يقل أبدا عن أي فاعلية تقام في أي دولة عربية، وأوجه تحية إلى المرأة الجنوبية فقد شاهدت نماذج رائعة تعمل بأعلى طاقتها وبرغم كل الظروف المحيطة أثبتت أنها موجودة وبأنها صاحبة إرادة فولاذية، شعرت بالسعادة وأنا أشاهد علم الجنوب مرفوعا في كل مكان، يرتديه الأطفال والنساء والشيوخ، يرددون النشيد الوطني وهامتهم مرفوعة، يشعرون بالعزة والفخر بهويتهم، كيف لهذا الشعب أن يقهر؟! لا يمكن أن تموت قضية وطن يحمل مشعلها الرضيع قبل الكبير، لا يمكن أن يتخلوا عن حريتهم، يقدمون على الشهادة وينتظرونها ويتسابقون عليها، يقولون إن الموت في سبيل وطن أشرف من الحياة في ظل وحدة عفنة، ولا يمكن أن يسمحوا باستباحة أرضهم بعد الآن، شعب عظيم وإرادة حرة، تعلمنا منهم كيف يكون عشق الأوطان.
في لحظة ما تمنيت أن يتوقف الزمن أو يعود للوراء ويرى شهداء الجنوب نتيجة تضحياتهم، كنت أتمنى أن يشاهدوا علم الجنوب مرفرفا، لم تذهب دماؤكم هباء، ارتاحوا في قبوركم، لم يتبقَ على الحلم سوى خطوة واحدة، لم يتبقَ سوى الإعلان الرسمي عن فك الارتباط، وأتمنى أن يعلن التحالف دعمه ويكمل جميله ويعلنها قريبا، وكما دعمهم في تحرير الأرض من الحوثة وتجار الدين، نريد أن يدعمهم أيضا في تحرير الأرض واستعادة الوطن، لأنهم حتما لن يتخلوا ولن يرضخوا ولن يفرطوا في أرضهم مرة ثانية..
وفِي النهاية لا يسعني إلا أن أهتف وأردد معكم «ارفع رأسك فوق أنت جنوبي حر».
مساعد رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» المصرية