ولاء عمران تكتب لـ(اليوم الثامن):
نجم خلف الكواليس... يتصرّف كأنه على المسرح!
في السنوات الأخيرة، برز على الساحة الفنية نمط جديد من مديري الأعمال، لم يعودوا يكتفون بإدارة المواعيد وتنسيق اللقاءات، بل باتوا يتصرفون وكأنهم هم النجوم الحقيقيون.
يتدخلون في كل شيء، يتحدثون باسم الفنان، ويتعاملون مع الإعلام كما لو كانوا أصحاب القرار والكلمة الأخيرة، بينما الفنان ذاته قد يكون أكثر بساطة وتواضعًا.
في الكواليس، حيث يُفترض أن تُدار الأمور بهدوء واتزان، تظهر بوضوح هذه الظاهرة المقلقة: مديرو أعمال يعتلون خشبة المسرح المعنوي، بينما يظل الفنان في الظل.
لسنا هنا بصدد الهجوم على هذه المهنة المهمة والحساسة؛ فمدير الأعمال هو الذراع الأيمن لأي نجم، وهو المسؤول عن تنظيم الوقت، وجدولة الارتباطات، والتنسيق مع وسائل الإعلام، بل إنه – أحيانًا – يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة الشائعات والمطاردات اليومية.
ولكن، ماذا لو تحوّل هذا المدير إلى "نجم بديل"؟
مؤخرًا، لاحظ كثير من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الفني سلوكًا متكررًا لبعض مديري الأعمال، يتمثل في الغرور المبالغ فيه، والردود المتعالية، والتحكم الكامل في محيط الفنان، إلى درجة أن البعض أصبحوا يفضلون تجنب التعامل معهم، حتى لا تفسد التجربة قبل أن تبدأ.
والغريب أن الفنان – في كثير من الأحيان – يكون أكثر تواضعًا وانفتاحًا، ويملك قدرة فطرية على كسب محبة الناس، لكن مدير أعماله قد يُسقط كل ذلك في مكالمة واحدة أو بردٍّ قاطع على رسالة إعلامية مهذبة.
هل نلوم الفنان؟ أحيانًا نعم؛ لأنه اختار أن يترك صورته رهينة لشخص آخر دون مراجعة أو توجيه. وأحيانًا لا، لأن بعض مديري الأعمال يُجيدون لعب دور الواجهة، ويقنعون الفنان بأنهم يصنعون له "هالة" تليق به، بينما هم في الحقيقة يصنعون لأنفسهم منصةً فوق الجميع.
تجارب كثيرة في الوسط الفني العربي تؤكد أن العلاقة الصحية بين الفنان ومدير أعماله يجب أن تقوم على التفاهم، والوضوح، والاحترام المتبادل مع كل من يحيط بالفنان، سواء كان جمهورًا أو صحافة أو شركاء مهنة.
وغالبًا ما نسمع فنانين ناجحين يُشيدون بمديري أعمالهم، لا لأنهم يظهرون في الصور أو يتصدرون الحوارات، بل لأنهم يعملون بصمت، ويحافظون على صورة الفنان دون أن يفرضوا أنفسهم على المشهد.
في النهاية، ليس من العدل أن نُعمّم النقد على كل مديري الأعمال؛ ففيهم المهني المحترم، والمتواضع الذي يتفانى في عمله ويُدرك حجم دوره وحدوده.
لكن، لا يمكن أن نتجاهل تلك النماذج التي تُسيء لصورة فنانيها، وتبني حولهم جدارًا عازلًا من الغرور والتعالي، فتحجب عنهم المحبة والمصداقية.
ولا يمكن إنهاء هذا المقال دون الإشادة – بكل تقدير – ببعض النماذج التي ما زالت تحفظ لمهنة مدير الأعمال هيبتها وقيمتها الحقيقية، مثل:
مدير أعمال النجم راغب علامة، ومدير أعمال النجم وائل جسار، ومدير أعمال النجم صابر الرباعي.
هؤلاء يقدمون نموذجًا راقيًا في التعامل، يجمع بين الحرفية العالية والاحترام الواجب لكل الأطراف، دون أن يطغوا على أدوارهم أو يتجاوزوا حدودهم.
في المقابل، يؤسفني – كإعلامية أولًا، وإنسانة حريصة على الصورة الجميلة للفن المصري ثانيًا – أن أوجّه عتابًا صادقًا لبعض مديري أعمال نجوم مصريين.
مؤلم حقًا أن نرى أسماء هؤلاء النجوم تُدار بهذا الشكل المؤسف؛ حيث افتقد بعض المديرين الحد الأدنى من المهنية، وتورطوا في "عيش الدور"، وكأنهم هم أصحاب الأضواء، لا منسقوها.
ما يفعلونه مؤسف أكثر منه مستفز، لأن النجم هو من يدفع الثمن، أولًا وآخرًا، وهم لا يدركون حجم الضرر الذي يتسببون فيه لمن يمثلونهم.
فليعد كل طرف إلى موقعه الصحيح، ولتُحترم المسافات التي تصنع النجاح الحقيقي، بلا ضوضاء أو ادّعاء.