عبدالباري الكلدي يكتب:

رجال في ذاكرة الوطن

عرف التاريخ شخصيات لكل وطن رفضت الرضوخ للظلم  رفضت الاستسلام  وأبت إلا أن تقدم روحها رخيصة فداء للوطن والحرية وإحقاق الحق فمنهم من كان شعلة نضال حتى ارتقا شهيدا ً في سبيل رفع راية الوطن وتحريره ، ومنهم من آباء إلا أن يكون خلف الكواليس يقدم البطولة وإلاقدام ، وإعلاء قيمة التضحية والفداء وحب الوطن ، وقد سطروا أروع القصص والأمثلة في التضحيات والبطولة وحق الدفاع عن الكرامة والحرية والعزة والمجد ، فكانوا كفتيل الشمعة يحترقوا ويضيئوا الطريق أمام الثورة والثوار ،
فقدهم الوطن في مراحل كان أحوج ما يكون يحتاج إليهم ولكن سيظلون أحياء في ذاكرة الوطن وذاكرة التاريخ وستبقى قصصهم وبطولاتهم خالده ومبعث الفخر في وطننا الغالي وقدوه للأجيال بعد الأجيال ونبراسا ً يضيئ لنا طريق الحاضر والمستقبل ، 

منذ انطلاق الثورة الجنوبية قدم الكثير من الأحرار والمناضلين أرواحهم وخلدوا اسماءهم  في تاريخ الوطن ،

اسماء في تاريخ الجنوب تظل في حياتنا وحياة الوطن حافزاً على المزيد من العمل والجهد والعطاء والنضال والوفاء والاخلاص ، وعند  التحدث عنهم يجب التحدث بكل فخر وشموخ وسمو كيف لا وتلك شخصيات لم يستهويها المنصب ، شخصيات يجب أن يكون هدفنا في الأيام القادمة التوجه للنهل من ماضيها وصفاتها وفك جوانب الغموض فيها
أبطال كانت حياتهم وعطاءاتهم أيقونة حياه بعد وفاتهم  ،

فقدنا في الجنوب رجالاً قل إن تلد النساء مثلهم رجالاً كانوا رموزا ً بالعطاء شامخين بالفداء أيقونة في العمل الوطني ،

ومن هؤلاء رجلاً من رجال الجنوب وحضرموت  
شكل رحيله فاجعة هزت
  مضاجعنا فأوجعنا رحيله حين خسرنا شخصية عرفت عنها القوة في قول الحق 

ما من كتابة في تاريخ حضرموت المعاصر  والكتابة عن أبطاله إلا وأتذكر الشاعر  والكاتب والصحفي صالح سعيد وبران رحمه الله 
صالح سعيد وبران المعلم والكاتب المسرحي والصحفي والشاعر والمناضل أحد نوابغ حضرموت التي لم تستغلها حضرموت ولم يعطى مكانه يستحقها ، له العديد من الدواوين الشعرية والمؤلفات كنت أتمنى أن يتسع المجال لاضع بعضها في هذا المقال ولكن ما حديثي عنه إلا قطرة في بحر ، وأترك المجال لمن عرفه عن قرب ورفاق دربه في النضال الوطني 
لقد كان صالح وبران معالجا ً بالقران الكريم والأعشاب تعالج على يديه مئات المرضى وله كتب مؤلفات في العلاج بالقرآن الكريم والأعشاب  لم ترى النور  بعد 
تم تكريمه بعشرات الميداليات الذهبية وشهادات التقدير في مجالات عدة ،
من أهمها ميدالية ذهبية تقلدها من الرئيس الكوبي 
تخرج من ألمانيا وحصل على العديد من الدورات في كلاً من ألمانيا وروسيا ، وحصل على شهادات امتياز في مجال الفلسفة والاقتصاد ، 

تخرج دبلوم من المدرسة العليا للكوادر الشبابية ، 
أحد مؤوسسي المسرح بحضرموت ، تقلد مناصب عدة في أشيد والحزب الإشتراكي اليمني قبل  الوحدة المشؤومة من عضو أشيد إلى سكرتير منظمة الحزب الخ.... من المناصب 
كان له دور فعال في حضرموت في محو الأمية 
حائز على عدة جوائز في المسرح والفنون، وله عده مسرحيات منها مأتم تمثيله ومنها لم يرى النور بعد 

كذلك كان له دورا ً بارزاً في حرب 1994م حيث كان من ضمن الأشخاص الذين أبو ترك حضرموت وتعرض للعديد من محالاوت الاغتيال ، 
عمل في السلك التربوي من معلم إلى أن تقلد إدارة عدة مدارس في محافظة حضرموت  كذلك في 2008 م عين مدير الإعلام بمديرية المكلا 
وكان أول من أنشأ كتيب لمديرية))المكلا ينتقد الوضع و يعمل على إبراز أنشطة المدارس لمديرية المكلا أسماه صدى التربية

كان كاتب لعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية من ضمنها رشد وعدن الغد 
كان يكتب أيضاً بأسماء  مستعاره أشهرها عبيد الحضرمي

كان شعاره أنا الحضرمي نباش الخبايا حين أضع العمامة تعرفوني ، أما في الحراك الجنوبي فقد كان صالح وبران إسم يحترمه الصغير قبل الكبير بمواقفه ومبادئه 
تقلد نائب مجلس الحراك الأعلى وكان أيضاً في المجلس الثوري ،

كما كان في اللجان الإعلامية
لأنشطة الحراك الجنوبي حتى تعرض لجلطة دماغية بقي على أثرها طريح الفراش لسنوات 

عند حديثي مع عدد من أبناء حضرموت إلا ويذكر لي صالح وبران من أوائل المناضلين حيث حكى لي أحدهم أنه  في التسعينات حين كان نظام الإحتلال اليمني يبحث عن المناضل حسن باعوم كان في حماية صالح وبران الذي فتح بيته مخبأ وملجأ أمام الثوار واجتماعاتهم ،
ويحكي لي أيضاً أصدقائه  عن مأثره في حرب 1994م

صالح وبران الشاعر والإنسان   والكاتب الصحفي الذي لم  يهمه في قول الحق لومة لائم بطلاً صنديداً ورجل تهتز حضرموت والجنوب لذكره ويظل إسمه محفوراً في ذاكرة الوطن والتاريخ،

صالح وبران إنساناً استثنائيا ً عرفته ساحات النضال الذي أبى إلا أن يكون متواجداً فيها  بالعطاء والفكر والثقافة والسياسة والإعلام،

صالح وبران شاعر الثورة الجنوبية في حضرموت وأول من صدح بقصائد التحريض ورفض الاحتلال اليمني،

في العام 2006 م أطلق النار من خلال كلماته وقصائده على قوات الاحتلال تلقاها أبناء حضرموت والجنوب بحماس وقوة وعنفوان وتبث كلماته في المهرجانات وقناة عدن لايف، من أشهر قصائده ( يا الميزر المركون ) 
وتعني السلاح الآلي وهو من أوائل من صدح علنا بحمل السلاح للكفاح المسلح 

يا الميزر المركون قم وانفض غبار 
هب مثل العاصفة بالزلازل والغبار 
خلها صلجات تصلج في عدن في زنجبارك 
خلي الأرض تهتز من حضرموت لما جعار
وقصائد ثورية أخرى 
مثل
( أنا أبن الجنوب الحر  رقمي أصعب الأرقام )
وكذلك  قصيده 
( توهجي ياشعلة ثورتي )
أضي للجنوب دروب النضال 
وثوري يزحف غضبي زلزلي
زلزلي شامخات الجبال 
فكلنا ثوار لا ولن نتوب 
حتى الإنتصار وتحرير الجنوب 
ودحر الاحتلال طغاة اليمن 

قصيدة ( لغير الله لن نركع )
وكثير من القصائد الثورية التي تنزل حمم وبراكين على قوات الاحتلال اليمني 
وكان آخر قصيده له بعنوان 
ياولاه الأمر فيناايكم يرعى القضيه 
كانت قصائده وبالاً وشراً مستطيراً عليه وعلى أسرته حين كان حينها لا يمضي أسبوع إلا والأمن المركزي يدق مضجعه ليخيف أبنائه. ولكي يكسر عزيمته ويسكت صوته المدوي فلم تزده كل تلك الأحداث إلا إصراراً وقوة وجبروت لم يخضع بل علم أبنائه حب الوفاء والتضحية حتى تم حبس إبنه فرج والذي كان آنذاك  طفلاً مضى على خط أبيه لتحكم المحكمة على قاصر  بالإعدام وتم إخفائه لشهر ونص  وتم حبس ابنه محمد أيضا   حين كان في ذاك الوقت عمره لايتجاوز 12سنه ليسلم الأب نفسه 
  خرج الإبن وسلك خطى أبيه فذلك الشبل من ذلك الأسد /
صالح وبران /  وأولاده تعرفهم الساحات فلم يكن من القاده الذين يخفون أبناءهم بل قدمهم لأجل الوطن فداء   
اختار مواجهة الظلم بشجاعة  اختار القلم سلاحه وعياً وإدراكاً منه لأهمية القلم كسلاح حين نطق قلمه  بمسؤولية وطنية وقومية عالية متحدثاً باسم الشارع
اعطاء المثال في العطاء لأجل العطاء لم يكن تستهويه المناصب ولا حب المسؤولية اختار أن يكون قدوه ..تابعاً لمبادئه لا تابعاً لأي مكون تجد قلمه مناصر للقضية وللشعب

طويلة هي السنوات التي امضاها بين السجن والعذاب  والكر والفر مع حكومة الاحتلال اليمني ..عانى لحمله القلم ويلات السجن والعذاب والاضطهاد هو وأسرته كل هذا حين اختار مواجهة الدبابة  بالقلم
بدأ صالح وبران معركته منذ صيف 1994م حين كانت تقام الإجتماعات السرية في منزله ولم تنطفئ شمعة نضاله  إلى أن توفاه الله في شهر مارس من العام المنصرم
حاولت الحكومة مثل ماحاولت عمل الجميع كسره وشراء مبداه وضميره إلا أنه قاوم كافة المغريات بكلمة الحق التي كانت كالرصاص تغزو وكر العدو 

صالح وبران صاحب صفات عديدة نادره جدا ً اجتمعت في شخصية قيادية فكان المعلم التربوي والمربي والمرشد والقائد والكاتب الصحفي والشيخ المعالج والطبيب 
شكل تهديداً واضحاً لحكومة الفساد تهديد قومياً لوحدة أرض فاشله 

وبران واحد من الذين أنبتتهم هذه الأرض الطيبة ليكون  معلماً وقدوة . عاش حياته وهدفه وأولى أولوياته قول الحق..   والصدح بحق تقرير مصير الأرض والإنسان ِ عاش الجنوب في قلبه وعقله ووجدانه  
لأن هولاء لاينبغى أن تنتهي حياتهم بوفاتهم بل يجب أن تسطر وتكتب وتدرس لنشير بالبنان أن للجنوب عظماء صالوا وجالوا وقدموا واعطوا وضحوا لأجل الوطن ليكونوا نبراساً للأجيال القادمة 
حق علينا تجميع مأثرهم وتدريسها والتذكير بها
رحم الله وبران وكل فقيد وهب روحه لخدمة الجنوب 
والحمد لله وإنا لله وإنا إليه راجعون