فاروق يوسف يكتب:

وهي تخط توقيعها

ريم عياري، فنانة تونسية تقيم في باريس وهي تتولى الإشراف دوريا عل ملتقى فني متوسطي في مدينة الحمامات التونسية يساعدها في ذلك الفنان العراقي المقيم في هولندا علي رشيد.

هذه السنة دعت عياري أكثر من خمسين رساما ونحاتا للمشاركة في الدورة الرابعة من ذلك الملتقى، الرقم كبير غير أن إدارة الملتقى تتم بيسر، وهو ما يدل على مهارة وإتقان تفتقر لهما ملتقيات فنية عربية كثيرة.

عياري التي تتعامل مع مشروعها بحرص الفنانة التي تسكنها تنطلق في تصريف شؤون الملتقى من حقيقة أن الفنان ليس مسؤولا إلاّ أمام حريته، وهي مسؤولية لا تستند إلى شروط مبيتة سلفا، بل هي رهينة شعور الفنان الذاتي بقيمة ما يفعل. ولذلك ينعكس مفهوم عياري عن حرية الفنان إيجابا على سلوك الفنانين الذين تستضيفهم، كل واحد منهم يشعر كما لو أنه في بيته ويؤدي مهمة تعنيه قبل أن تعني الآخرين.

هنا يتحقق مبدأ المشاركة التي تهتم الفنانة عياري بالإعلاء من شأنه في كل الفعاليات التي تشرف عليها، فمن خلال المشاركة يقف الفنان في الواجهة وهو يقدم نفسه مسؤولا عن نتاجه الفني.

يبدو كل شيء باعتباره نوعا من التحدي في مواجهة الذات والآخرين معا، فالفنان الذي يغادر مرسمه إلى الهواء الطلق مشاركا الآخرين لعبة جادة قد تقوده إلى الفشل أو العكس، إنما يمتحن عزلته وفي الوقت نفسه يختبر قدراته التقنية ومهارات خبرته.

وهنا بالضبط يتحقق مبدأ المشاركة بأرقى صوره، حيث يكون الفنان متفرجا وموضع فرجة في الوقت نفسه، إنه يفعل ما يتمنى لو أن الآخرين يفعلونه وهو يراقب الآخرين متمنيا أن يكونوا عند حسن ظنه ليتحقق من جدوى مشاركته.

في خضم ذلك الصراع تدير الفنانة ريم عياري ملتقاها بنفس طويل واسترخاء تُحسد عليه وابتسامة لا تفارق شفتيها، وهي ترى فكرتها عن الجمع الذي يقترب بعضه من البعض الآخر ليكون أشبه بفرد يخط توقيعه أسفل لوحة.