فاروق يوسف يكتب:

إرهاب المال بعد إرهاب السلاح

إن استطاع حزب الله أن يستولي على حكومة لبنان ومن ثم على دولته فذلك ليس معناه أنه سيكون في مأمن من عقاب المجتمع الدولي بسبب علاقته العضوية بالإرهاب.

فعل حزب الله عبر العقود الماضية ما يمكن أن يضمه بيسر إلى قائمة المنظمات والجماعات الإرهابية. ولم يكن شعار المقاومة المرفوع من قبل الحزب مسوغا مقنعا للقبول بتلك الأفعال.

اما أن يكون المجتمع الدولي قد تأخر في الالتفات إلى الخطر الذي يمثله ذلك الحزب على السلم الأهلي في لبنان والمنطقة فإن ذلك يدخل ضمن تقديرات سياسية غير مسؤولة وليس لها ما يبررها إلا إذا اعتبرنا ذلك الموقف جزءا من مؤامرة تهدف إلى نشر الفوضى انسجاما مع الصمت الذي كان المجتمع الدولي يلوذ به المجتمع الدولي في مواجهة السياسات الإيرانية القائمة على التوسع والهيمنة ونشر النفوذ على حساب دول المنطقة.
ولأن حزب الله هو واحد من أذرع إيران في المنطقة فإن الموقف منه هو جزء من الموقف من النظام الإيراني. فإذا كانت إيران مرضيا عنها فإن حزب الله لن يكون مرئيا بالنسبة لدعاة الحرب على الإرهاب. وهو ما جرى عبر السنوات التي كان فيها باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة. الامر الذي يفسر حالة الانتعاش التي عاشها الحزب في تلك السنوات والتي مهدت لوضعه الحالي الذي مكنه من الهيمنة على لبنان بشكل يكاد أن يكون كاملا.

ما كان للوضع الشاذ وغير المتوازن الذي تعيشه المنطقة اليوم أن يثبت ركائزه ويتسع بحيث تتمكن ميليشيا لبنانية خارجة على القانون من التدخل في شؤون دول أخرى كسوريا واليمن لو أن المجتمع الدولي وضع حزب الله في مكانه الحقيقي، باعتباره منظمة إرهابية يتوجب التصدي لها ومنعها من ممارسة استعراضات القوة في حق المجتمع المدني في لبنان.

ولو كان المجتمع الدولي قد قام بواجبه في محاربة الإرهاب الذي يمارسه حزب الله لما سقطت دولة كالعراق في قبضة الميليشيات التابعة لإيران وهو ما مكن نظام الملالي من الهيمنة بيسر على دول بأكملها من غير أن يتدخل عسكريا.

لقد صار من حق جنرلات ذلك النظام أن يتشدقوا باحتلالهم لتلك الدول من خلال جيوش محلية تدين بالطاعة للولي الفقيه وتُدار من قبل ضباط الحرس الثوري الإيراني.

الخطأ القاتل الذي ارتكبه المجتمع الدولي كان بالنسبة لدول المنطقة جريمة تاريخية، سيكون من الصعب على تلك الدول أن تمحو آثارها خلال عقود مقبلة من الزمن في حالة وقفها والبدء في تصفية مخلفاتها وهو ما لم يحدث بعد، بالرغم من أن هناك ما يشير إلى نوع من الصحوة العالمية.

وقد لا يكون قطع التمويل الإيراني عن حزب الله إن حدث مؤثرا بشكل فعال، ذلك لأن الزمن الطويل الذي عاشته تلك العصابة باطمئنان قد مكنها من صنع آلية للتمويل الذاتي استطاعت من خلالها أن تستعد لمواجهة الأوقات العصيبة المتوقعة بما يضمن لها الاستمرار في الحد الأدنى. وهو ما لا يعيق قدرتها على التمسك بمشروعها الهدام.

هناك جهات كثيرة حول العالم تقوم بتمويل حزب الله مستعدة للدخول في مغامرة "جهاد المال" استجابة لنداء حسن نصرالله. لذلك فإن الإسراع في تصنيف الحزب المذكور باعتباره جماعة إرهابية كما فعلت بريطانيا مؤخرا يمكنه أن يكون خطوة في الطريق في اتجاه مراقبة متشددة للجهات التي تحوم حولها شبهات العلاقة به. وهو ما سيكون حريا بالمجتمع الدولي أن يفعله لكي يخفف من آثار الخطأ القاتل الذي ارتكبه في حق شعوب المنطقة.

لن تؤتي العقوبات المفروضة على إيران اُكلها ما لم يصاحبها حصار على الجماعات الإرهابية التي رعتها إيران ويقف حزب الله في مقدمة تلك الجماعات.