أنيس الشرفي يكتب:
الانتقالي يبدد رهانات أعداء الجنوب
راهنت قوى نظام صنعاء على أن تعزل شعب الجنوب عن كافة دوائر صنع القرار الإقليمي والدولي، وانتهجت في سبيل ذلك كل وسائل الترغيب والترهيب والإقصاء والتهميش والقتل والتنكيل، إلا أن رهاناتها السوم باتت أقل تأثيراً بعد نضال طويل قاده شعب الجنوب، حتى توج بتشكيل قيادة سياسية جامعة تستوعب الواقع، وتضع استراتيجيات واضحة لمواجهة المخاطر والتحديات المحيطة بالجنوب، وإخراج الجنوب من قوقعة العزلة التي أحيطت به بفعل قوى النفوذ الشمالي.
فمنذ سقوط نظام الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب في عام 1994م، والجنوب يشهد حالة عزلة سياسية محكمة، استخدم نظام صنعاء وقواه العابثة مختلف الوسائل الممكنة لتحقيق هدفه بانعزال الجنوب عزلة تامة، عن دوائر صنع القرار الإقليمي والدولي.
إذ بدأ استغلال انتماء بعض القيادات الجنوبية للحزب الاشتراكي، كوسيلة لتخويف وترهيب دول الجوار، بدعوى أنهم أشد عداوة للأشقاء.
ثم استخدم ملف الإرهاب كأداة، فقام نظام صنعاء بضخ آلاف الإرهابيين إلى الجنوب، من أجل تصويره ووصفه وطن بديل للإرهاب، وطالب المجتمع الدولي بمنحه كل الدعم اللازم لتمكينه من مكافحة الإرهاب، وما أن يحصل على الدعم الدولي حتى يوجهه لضرب شعب الجنوب وثورة الحراك الجنوبي.
وفي سبيل ضمانة إغلاق الأبواب في وجه شعب الجنوب، مارس سياسة ابتزاز رخيص ضد المجتمع الدولي، من خلال تهديد مصالح كل من يعمل على التعاطي مع الجنوبيين أو يمد أي مستوى من مستويات العلاقة مع شعب الجنوب وثورته.
ولإحكام السيطرة وتحقيق العزلة السياسية الكاملة، قام نظام صنعاء وقواه النافذة بتسريح أعضاء السلك الدبلوماسي الجنوبيين، والتخلص من كل من ينبض قلبه بحب الجنوب، ومن يحاول كسر حاجز العزلة القسري الذي أحيط به شعب الجنوب يدفع نظام صنعاء بأدواته لتصفيته أو التخلص منه بأي وسيلة.
اليوم ومع اقتراب إتمام عامين على تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نستطيع القول أن المجلس أصبح أكثر ديناميكية واستيعاباً وإدراكاً لما يتوجب عليه من خطوات سياسية، لإعادة العلاقات الجنوبية مع كافة دول العالم، بدءاً بدول الجوار الإقليمي ومروراً بالدول الفاعلة في مسار الأزمة الراهنة، وصولاً إلى إقامة علاقات دبلوماسية متوازنة مع كافة الأطراف، تحفظ الحقوق وترعى عملية تيادل المصالح بما يحقق المصلحة للجميع دون ضررٍ ولا ضرار.
لقد تمكن المجلس من اختراق الجدران المحصنة واجتياز حاجز العزل، ودليل ذلك تحركات قيادة الانتقالي مؤخراً في بريطانياً وحالياً في روسياً، وغداً في بقية دول أوروبا وأمريكا وكافة دول العالم التي لها صلة أو مصلحة في الجنوب، لاستعراض القضية الجنوبية، والسعي لحشد أكبر قدر ممكن من الدعم والاسناد لتحقيق أهداف شعب الجنوب باستعادة وبناء دولته المستقلة الوطنية كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو 1990م.
وبالنظر إلى خارطة تحركات المجلس الانتقالي نجد بأنه يوائم بين تحركاته بشكل متقن، بهدف التمكن من إقناع المجتمع الدولي بدعم استقلال الجنوب، إذ أن انطلاقته من بريطانيا وروسيا لدليل على تجاوز شعب الجنوب أخطاء وإخفاقات الماضي، وفتح صفحة جديدة مع كافة دول العالم، بما فيهم من كان لهم دوراً سابقاً في الجنوب بغض النظر عن طبيعة دورهم في الماضي.
إن رسالة المجلس الانتقالي اليوم تأتي لتأكيد سياسة منفتحة على الجميع بما يحقق الشراكة وتبادل المصالح دون إضرار أحد طرفيها بالآخر.
لن يقتصر نهج الانتقالي التسامحي على علاقة الجنوب مع الخارج، بل تحرص قيادة المجلس كل الحرص على أن يجعل ركيزة انطلاقته من الشراكة الجنوبية الجامعة بين كافة أبناء الجنوب تحت قاعدة الجنوب لكل وبكل أبناءه شركاء في بلورة وتخطيط ورسم ملامح المستقبل وشركاء في اتخاذ القرار وتطبيق النظام والقانون. كما أننا نمد أيدينا لأخوتنا أبناء الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) لبناء علاقة ودية يسودها حسن جوار وتبادل المصالح والتنسيق بين الدولتين في الملفات المشتركة، على قاعدة احترام سيادة وخصوصية الآخر.