فاروق يوسف يكتب:

كسل الفنانين

كل لقاء فني هو حدث ضروري في ظل عجز المؤسسة الفنية العربية عن احتضان الفنانين والاهتمام بنتاجهم وتطوير علاقتهم بالجمهور، غير أنني كلما حضرت واحدا من تلك اللقاءات ازددت يأسا وازداد شعوري بالإحباط.

ذلك لأن تلك اللقاءات تُدار بأسلوب يحد من قيمتها ويضعف من قدرتها الكامنة على التأثير ويصغر المساحة الواسعة التي كان من الممكن أن تتحرك فيها.

هي لقاءات مغلقة، يغلب عليها طابع اللهو الذي يدفع بالكثير من الفنانين إلى أن يجعلوا منها مناسبة للاسترخاء والنزهة والاستراحة المجانية، فيتخلون عن أسئلتهم وينحون جانبا قلقهم الإبداعي ويكتفون بإنتاج أعمال تقليدية لا تمثلهم يتركونها في الفنادق التي تستقبلهم بكرم باذخ.

هناك الكثير من اللعب الذي صار الفنانون الحقيقيون لا يتعاملون من خلاله مع فنهم بطريقة جادة، ففي مقابل حضور فنانين، تم اختيارهم بطريقة عشوائية يشعر الفنان الحقيقي أن وجوده هناك إنما هو نوع من الاحتفاء الشخصي الذي لا علاقة له بإنجازه، فلا حوار ولا ندوات مفتوحة ولا أسئلة صحافية ولا جمهور، يكون بمثابة شاهد ومترقب.

المشرفون على تلك اللقاءات يكتفون بكرم الاستقبال دون أن تكون لهم القدرة على تنظيم لقاءات مجاورة ذات قيمة ثقافية بين الفنانين المشاركين أنفسهم وبينهم وبين جمهور منتقى، يكون تطوير ذائقته الجمالية هو الهدف.

صار الفنانون يذهبون دوريا إلى أماكن مختلفة لينتجوا عددا من اللوحات التي لا تمت إلى تجاربهم الحقيقية بصلة، بعد أن تمكنت منهم فكرة أنهم يقضون وقتا ممتعا بين أصدقائهم في أماكن مغلقة لا يغادرونها مستمتعين بإجازة يغلب عليها طابع الترف واليسر والخفة من غير أن يضيفوا شيئا ومن غير أن تضيف تلك التجربة لهم شيئا. وإذا ما كانت المسؤولية تقع بشكل أساس على منظمي تلك اللقاءات الذين يتباهون بكرمهم، فإن الفنانين الذين لا يحركون ساكنا هم مسؤولون أيضا، ذلك لأنهم يخسرون فرصة للتعريف بتجاربهم.

صار الكسل هو الصفة الغالبة على كل لقاءاتنا الفنية.