فاروق يوسف يكتب:
مقاومة حماس التي تدمر غزة
من الصعب أن تقنع فلسطينيا بوجهة نظرك في ما يتعلق بحركة "حماس"
فالمسألة محسومة ولا تقبل النقاش. هي أشبه بالإيمان الذي هو نوع من التسليم. وحين تعترض بأنك لا تسمع إلا نصف الحقيقة تجد أن ما من أحد يظهر اهتماما بنصف الحقيقة الآخر.
هناك زهو واضح بصاروخ يضرب تل أبيب. لا يعني في شيء إذا كان ذلك الصاروخ قد أحدث أثرا أم لم يحدثه. في المقابل فإن موت المئات من سكان غزة قتلا بسبب رد فعل إسرائيل الوحشي سيمر كما لو أنه جزء من ضريبة، صار على الشعب الفلسطيني أن يدفعها بين حين وآخر.
قبل أيام حدثتني صديقة فلسطينية بلغة مهذبة عن موقفي من تلك المعادلة الظالمة. شعرت بالارتياح لأنها فتحت حوارا لم يكن القصد منه عدوانيا كما هو حال معظم الحوارات في عالمنا العربي.
استغربت تلك الصديقة أنني غالبا ما أدين حماس باعتبارها مسؤولة عن إراقة الدم الفلسطيني ملوحة بواقعة أن صاروخ حماس هو الصاروخ العربي الأول الذي ضرب تل أبيب. وهي واقعة لا تنتسب إلى عالم الحقيقة. فذلك الصاروخ لم يردع إسرائيل عن ارتكاب جرائمها بل وهبها مسوغا جديدا لضرب أهلنا في غزة والامعان في حصارهم. تلك هي الحقيقة.
لا يجرؤ البعض على النظر إلى حركة حماس باعتبارها شرخا في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني. "إذا غابت حماس فما الذي يبقى من حركة المقاومة الفلسطينية؟" ذلك سؤال مذل ومهين. غير أنه سؤال ينتسب إلى عالم الواقع. إنه سؤال واقعي.
حماس التي اختطفت قطاع غزة منذ أكثر من عشر سنين وصارت تمارس سلطتها على سكانه باعتبارهم رهائن لا تزال تحمل السلاح فيما تخلت الفصائل الفلسطينية الأخرى عنه منخرطة في عملية سلام غير مجدية ولا معنى لها. لذلك فإن حماس يمكن اعتبارها الجهة الوحيدة التي تمثل امتدادا للثورة الفلسطينية التي اعتمدت مبدأ المقاومة عن طريق السلاح.
في ذلك يمكن أن لا نختلف لو أن حركة حماس لم تكن جماعة دينية تنتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين وهو ما يبعد هدفها في "المقاومة" عن جادة النضال الوطني الفلسطيني.
على الفلسطينيين أن يواجهوا حقيقة أن حركة حماس ليست منهم. فهي جماعة عميلة لا تؤمن بفلسطين وطنا وليست لها علاقة بمصير الفلسطينيين إلا باعتبارهم رعايا لدولة الخلافة التي يحلم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في اقامتها.
ولكن من غير أسطرة "حماس" سيكون الشعب الفلسطيني معرضا للهلاك المعنوي. ذلك لأن الجزء الأعظم من هويته انما يقوم على فعل المقاومة وهو ما صارت حركة حماس تحتكره، باعتبارها الخيار الأخير الذي لم تقبله إسرائيل ولم يكن جزءا من التسوية الفاشلة.
غير أن ما تفعله حركة حماس لا يمت إلى المقاومة بصلة. تلك حقيقة ينبغي النظر إليها من جهة النتائج الكارثية التي تؤدي إليها. ذلك لأنه ليس من المعقول أن يُقاس سقوط صاروخ على تل أبيب بسقوط مئات القتلى من المدنيين في غزة. إنه ميزان ظالم.
ذلك ما أردت توضيحه للصديقة الفلسطينية بالرغم من شعوري بأنها لن تكون قادرة على الانصات لي. لا لأنها لا ترغب في العدالة بل لأنها لا تستسيغ أن تكون العدالة في الجانب الآخر. ذلك ما يمكن أن يقض مضجعنا جميعا. أن يُقال أن المقاومة على خطأ.
من وجهة نظري فإن مقاومة حماس هي خطأ.
وهي جريمة على مستوى ما تؤدي إليه من جرائم إسرائيلية.
لذلك فإن أي موقف من مقاومة حماس ينبغي أن يكون مسؤولا عن تلك النتائج الكارثية. بطريقة أو بأخرى فإن ما يحدث لغزة هو من صناعة حماس.