لعبة الأمم في اليمن !!

الحرب في اليمن تديرها دول كبرى وأطراف دولية لها مصلحة لاستمرار الحرب خاصة أمريكا والدول الغربية وروسيا فهؤلاء جميعا متفقون على إطالة أمد الصراع وليس الحل السياسي أو الحسم العسكري بل المطلوب هو استمرار القتال وهناك اتفاق بين الكبار ..وقد شكلت الحرب نعمة مالية ضخمة للمقاولين الأمريكيين والبريطانيين ، فقد فاضت خزائن شركات مثل :ريثينون ، وجنرال داينا ميكس ،وبي ايه أي سيستمز، بعشرات المليارات من الدولارات بفضل مبيعات الأسلحة ،والفائز الوحيد في هذه الحرب هي (الفوضى )!!

ورغم أن بعض الأطراف قد حققت بعض التقدم العسكري على الأرض كما حدث في الجنوب وبعض المناطق الشمالية المحدودة إلا أنها قصيرة الأمد ولم تكن حاسمة وهذا يسهل اندلاع نزاعات داخلية بين أمراء الحرب كما هو حاصل في عدن ،كما أن الحكومة اليمنية في المنفى سيئة السمعة ولا تملك نفوذا حقيقيا في الداخل !!

أما القضية الجنوبية لا زالت محل خلاف بين الأطراف حتى الآن رغم تشكيل المجلس الانتقالي الذي لا زال هو الآخر محل تجاذبات جنوبية وإقليمية ودولية ورغم ذلك كله يشعر المواطن اليمني أن الوحدة قد ماتت و أن الانفصال قادم لا محالة !! وفي مناطق اليمن الشمالي تمارس المليشيات أقسى أنواع الانتهاكات بحق المواطنين أما النشطاء والمعارضين وهم في زنازينها بالألأف فحدث ولا حرج !!

وفي الجانب الدولي ماذا فعلت الأمم المتحدة ومبعوثيها ومجلسها الدولي ( عصبة الكبار ) ؟؟ الذين يتحكمون بل ويديرون أزمات العالم وحروبه خاصة في العالم العربي ؟؟!! ماذا فعلوا لوقف الحرب في اليمن ؟؟!!

الشيء الوحيد الذي يكررونه في مجلس الأمن هو نسف كل قرار لا يعجبهم بمجرد أن يرفع احدهم يده بكل بساطة ويبطل تصويت 14 دولة أخرى كلها أعضاء في مجلس الأمن .!!! .

بل ويفرض إرادته على أكثر من 193 دولة عضو في الأمم المتحدة ؟؟!!!ّ
وتتبادل تلك الدول الكبرى لعبة المصالح فيما بينها وعلى مرأى ومسمع من العالم فهم متفاهمون فيما بينهم حتى لو أظهروا لنا عكس ذلك ولا نستثني أحدا منهم!! .
و موقف موسكو من اليمن له أسبابه ودوافعه المرتبطة أساسا بحزمة المصالح الروسية في المنطقة وآليات التعامل مع النفوذ الأمريكي واحتمالات المقايضة مع أمريكا بمواقف في الشرق الأوسط مقابل مواقف في الأزمة الأوكرانية.. فتلك هي السياسة وتلك هي لعبة الأمم!!!

وهذه الدول الكبرى تزرع أدواتها في قلب كل الأزمات الدولية فهم يحيطون بك من كل جانب ..يتنفسون معك نفس الهواء.. ويرصدون لدولهم كل حركة للأزمات والحروب أينما كانت ..وهم يمارسون أعمالهم تحت مسميات إنسانية ..يتواجدون داخل مكاتب الإغاثة التي تملك حق الوصول إلى أكثر المناطق سخونة كمنظمة الصليب الأحمر الدولية وبداخلها عملاء لمجموعة الايكونومست البريطانية كواحدة منها على سبيل المثال وقس على ذلك ..وما خفي أعظم !!

وهذه المجموعة هي من أكبر شركات الاستخبارات الخاصة في العالم ..وتصدر تقاريرها السرية من أرض الواقع ومن قلب الأحداث ولهيب المعارك ..وقد تنبأت الايكونومست عن الحرب في اليمن بقولها إن الحرب ستستمر حتى العام 2022م وذلك لان بريطانيا وحلفائها يرفضون القضاء على المليشيات الحوثية بشكل نهائي وتحرص بريطانيا من واقع خبرتها الاستعمارية الطويلة استثمار الورقة الطائفية والقبلية في اليمن وذلك لمنع التيارات الوطنية والقومية واليسارية إلى حكم البلاد ،كما تعمل على إضعاف كافة القوى المتصارعة بحيث لا يمكن لأي طرف منها تحقيق النصر على الآخر !!

وفي الوقت نفسه لم تمنح الدول الكبرى التحالف العربي الزخم الذي يمكنه من حسم المعارك من واقع الحرص على حسابات دقيقة في المنطقة تمس بشكل رئيسي مصالح الدول الكبرى ولا علاقة لها بالجانب الإنساني ولا بمستقبل اليمن .

والأشد خطورة من ذلك أن تقرير الايكونومست يظهر اليمنيين أنهم بلا قرار ولا سيادة ، وهو جزء مما تحقق خلال أكثر من ثلاثة عقود من حكم صالح ، استنزفت فيه القيم الوطنية والعقيدة العسكرية وأغرقتها في الفساد ،وفي الوقت نفسه كان يتم دعم عمليات إرهابية لإثارة الخوف والرعب من تلك المنظمات الإرهابية التي تظهر كل يوم بمسميات جديدة وأيدي يمنية !!

ويمكن القول أن استنتاجات التقرير البريطاني يخدم بالدرجة الأولى تجار الحروب التي تتوافق مواقفهم مع المزاج البريطاني ، وتهميش الشارع اليمني الذي امتطى حصان الثورة الشبابية التي أجهضت في الميادين عندما أختطفها حزب الإصلاح وخذلتها بعض الأحزاب التي تحققت مصالحها بسبب حالة اللا حرب واللا سلم وأصبح الشارع رهن الاعتقال!!

لم يفصح التقرير كيف تم إضعاف أطراف الصراع ولم يفند من الشرعي ومن المتمرد ؟؟؟!! لأن ذلك سيفضح سيناريو الحرب التي لا زالت الحاجة ماسة لاستمرارها لإنعاش سوق السلاح المزدهرة ،والاستفادة من هذه الفرصة الذهبية التي وفرها الانحراف الأخلاقي للوطنية وثقافة الانتماء إلى المجتمع اليمني الذي انتهت أحلامه في الثورة ،وانحصرت في كيس من الدقيق وجالون من الزيت ..أما الراتب فلم يعد أولوية !!
الأغرب والأعجب من ذلك كله أن أعضاء مجلس الأمن عندما يجتمعون كل مرة لمناقشة الحرب في اليمن يرددون الجملة التالية : ( اليمنيون أنفسهم هم وحدهم الذين بأيديهم حل أزمتهم وعليهم صنع مستقبلهم ).!!!!

ونحن نسأل هؤلاء الجبابرة المختلفون ظاهريا والمتفقون باطنيا علينا نسألهم :
كيف يمكن أن نتفق ونحن شعب قد تم برمجته على أن لا يحب وطنه ويكره بعضه بعضا ؟؟ وكيف لنا ونحن هكذا أن نقدم حلولا .. ونحن المشكلة ونحن الحل ؟؟؟!!
د. علوي عمر بن فريد