صالح علي يكتب:

الحكومة ليست مكتباً هندسيا يا معين !!

ثمانية أشهر مضت منذ تعيين الطارئ على السياسة والمناصب، غض الأظافر، حديث العهد بالإدارة، الرجل الذي كل تاريخه وسيرته العملية تنحصر في مكتب هندسي افتتحه بعد تخرجه ولم ينجز مشروعا واحدا يشار إليه بالبنان عدا بعض الشقق السكنية ذات الطابق الواحد في الأحياء الشعبية؛ وهذا كل رصيده وما تحتويه سيرته الذاتية، نعم ثمانية أشهر مضت على تعيين معين عبدالملك سعيد رئيساً لمجلس وزراء حكومة الشرعية واخر عهد للشعب به ليلة صدور قراره ثم دخل سردابه وغط في نوم عميق بعد أن أدلى بتصريح هو الفريد من نوعه على مستوى تصاريح رؤساء حكومات العالم أجمع والذي أكد فيه أنه لا علاقة له بالسياسة ولا بالملف العسكري!


يتعامل عبدالملك مع المهمة الموكلة إليه كرئيس للحكومة ومسؤول أمام الشعب من نافذة تخصصه ومكتبه الهندسي، يجلس على كرسيه كل يوم في انتظار أي زبون يأتي إليه بغية استشارة هندسية، أو رسم مخطط هندسي لبناء منزل أو حديقة خلفية، هذا كل ما يظن الرجل أن عليه القيام به اليوم في هذه المرحلة الصعبة و "الاستثنائية" كما يحلو له ترديدها كثيرا، أما المبادرة، واتخاذ القرار، ووضع الحلول، ووقف العبث، وتوفير الخدمات، وإنقاذ الشعب، وإخراجه من النفق المظلم، فهي مهام ومصطلحات لم يحتك بها أثناء دراسته الجامعية ولا يعرف عنها شيئاً، ولم تأتِ ضمن المقرر الدراسي حتى يتسنى له التعاطي معها، وعلى الشعب المسكين المسحوق أن يحترم تخصص رئيس حكومته، ولا يطلب أو ينتظر منه شيئا خارج تخصصه!


إدارة الحكومة، والمضي بدفة الإصلاحات، والوقوف على المعيقات والمدلهمات التي يعانيها الشعب ويصطلي بنارها ليل نهار، ليست مكتبا هندسياً يا باشا مهندس تتطلب مسطرة طويلة ومنقلة وفرجارا! بل تتطلب رجلا سياسيا محنكاً مقتدرا يمتلك من المهارة والكفاءة والخبرة السياسية والأداء الإحترافي نسبة عالية جداً وهي صفات تدرك وأدرك الجميع أن لا تتوفر فيك. فالمكان الذي أنت فيه هو منصب رئيس حكومة، وليس فرع مكتب الأشغال والطرق بمحافظة معينة، ولذلك فإنه من الجرم بحق نفسك وحق هذا الشعب المظلوم أنك تستمر في منصبك حتى اللحظة بعد أن اكتشفت عجزك الكلي عن إدارة مكتبك فضلاً عن إدارة دولة، ومحدودية قدراتك، وضعفك اللامحدود في اتخاذ القرار، وجهلك الفضيع في التعامل مع القضايا الكبرى، وكنا نتمنى أنك تلحق بتصريحك الذي خرجت علينا به فور تعيينك بأنك لا علاقة لك بالملف السياسي والعسكري وهو مالم يفهم قصدك الحقيقي منه إلا القلة الذين يعرفون قدراتك، وأنك لمعرفتك بعدم قدرتك على التعاطي مع هذين الملفين أعلنت تخليك عنها، كنا نتمنى وما زلنا أن تلحق هذا التصريح باستقالة فورية نتيجة عجزك عن إدارة الملف الخدمي والإقتصادي للبلاد، فهلا فعلت، وخلصت نفسك والشعب من هذا الوضع الكارثي!؟


ثمانية أشهر ولم يرى الشعب لك نشاطاً حكومياً يذكر، لا نزول ميداني، ولا افتتاح مشاريع، ولا وقوف على الأزمات الخدمية، ولا زيارة للمحافظات والإطلاع عن قرب على حاجة المواطنين فيها، ولا شيء من المهام والقضايا التي تكون من صلب عملك كرئيس حكومة، نعم ثمانية أشهر لم يراك الشعب ولم يلمس أي نشاط حقيقي لك، ولم يرى صورك في الميدان خلا بعض الصور لأنشطة شخصية قمت بها من باب الترفيه على نفسك وكسر الروتين الممل لجلوسك في معاشيق دون عمل -نعم ومن باب الإنصاف- شاهد الشعب صورا لك وفيديوهات وأنت تتناول وجبة الإفطار مع طاقمك في مطعم الشراع أسفل معاشيق، وشاهدك وأنت تجتمع بمجموعة من النساء لنقاش موضوع لا علاقة لك فيه في أحد فنادق عدن، وشاهدك وانت تتناول وجبة الإفطار الرمضاني مع مجموعة من الشباب، وشاهدك أيضاً وأنت تقضي ليلة رأس السنة في شرم الشيخ!

أخيراً، آن الآوان لأن ينتفض هذا الشعب، ويخرج المارد الذي بداخله، من أجل مصلحته، من أجل مصلحة الجميع، آن الآوان ليصرخ وبصوت رجل واحد؛ لا لبقاء رجل عطل مصالح الشعب وجمدها، لا لبقاء رجل أثبتت الأيام والأحداث فشله الذريع على مختلف الأصعدة، آن الآوان لنقول يا باش مهندس معين إرحل غير مأسوف عليك!