أحمد عبداللاه يكتب:

شكرًا للضالع وهي ترسم من دمها قمراً على ليل الجنوب

شكرًا لكل رصاصةٍ غطَّت قدوم الإنتصار، وأيقظت أمل التحرير، شكراً لكل قطرة دمٍ كتبت سطوراً مضيئةً ناصعة لتمحو أمية الساسة المهرجين، شكرًا للشهداء لأهلنا الذين تُقصف سقوفُ منازلهم ولم يبارحوها إلّا نحو الجبهات، شكرًا للأمهات الجميلات وهنّ يقدمنّ فلذات أكبادهن أضحية على مذبح الحرية والكرامة، شكرًا لذلك المدى المفتوح أمام خطاهم المتقدة وأنفاسهم المتوهجة، شكراً للضالع وهي تمد الأكفَّ الى السماء لتعلن: أللهم إنّا نقاتل اللهم إنّا نقاوم من أجل أرضنا المسلوبة وحريتنا المنهوبة ونقاوم أعداء الحياة والإنسانية لاستعادة بلادنا وتحرير شعبنا وبناء مستقبلنا.

الكلمات الآن يختزلها أطفال الضالع الذين خرجوا منتصف الليل إلى الشوارع والأزقة يتبادلون تحية الحرية ويراقبون العائدين من ساحات الشرف، تختزلها أصوات المآذن وزغردة النساء وإشارات النصر من أصابع كفّنت للتو رفاقها على الجبهات وودعتهم بقبلات على جباههم الطاهرة.

الكلمات تختزلها شامخات الجبال وخضر الأودية المخضبة بدماء من ساروا تحت صمت الظلام الخافت وفي علانية الشمس وهي تدلي بسفر الضوء المبين ، يحملون بندقية ورغيف وقليل من ماء السماء.

الضالع، مجد الراحلين الى خلودهم، لها أرض من نرجس أجسادهم ومن حولها سماءٌ ترسم من دمائهم قمراً على ليلِ الجنوب، وأمام شهدائها خيام الأنبياء مفتوحة لأرواحهم الوافدة الى طُهر الأبدية، والضالع حائط الحرية وسور الجنوب الذي يتحصن خلفه ويستند اليه في الأزمنة الصعبة، والضالع الأُخت الشقيقة الجميلة للحج وعدن وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة. جميلة لأنها تتفوق على أعدائها في كل مرة ولأن كل من فيها وكل ما فيها يقاوم فالتراب يقاوم والجبال تقاوم والأشجار والرياح وإن حاولوا تدميرها فإن الأنقاض تقاوم وإن قتلوا وإن فعلوا ومهما فعلوا بها فإنها تقاوم وتفهم جيداً بأن الوطن الآن تستعيده البنادق والخنادق وليست المؤتمرات أو الفنادق.

شكرًا لكل حبة رمل حملت إسمك يا جنوب وشكراً لكل دم سال من أجلك، فالضالع ليست سوى مبتدأ الفعل وعودة الجنوب خاتمته.