نبيل الصوفي يكتب :"“بعض من يومياتي مع الاخوان "الحلقة الاولى"..
من “اخوان الكعب العالي” الى بيعة المسدس والمصحف
التحقت بجامعة صنعاء، طالبا في قسم الاعلام بكلية الاداب، ضمن الدفعة الثالثة، كانت السيطرة في الدفعة الأولى لليبراليين يسار او مؤتمر، فالدفعة اصلا لموظفي الاعلام الحكومي، والثانية كانت ايضا مثلهم عدى اخواني واحد او اثنين.. غير انه رغم ذلك فزنا كاخوان او موالين لهم، في انتخابات الجمعية الطلابية ضد حلفاء الامس يومها المؤتمر والاشتراكي، فازت قائمة الاخوان اضافة للزميلة “مها طربوش” اليسارية العنيدة يومها، ولأني فزت بأكثر الاصوات الانتخابية أصبحت أنا رئيسا للجمعية.
كانت مفاجأة، كيف طلاب الاخوان وهم عادهم اقلية يخطفون جمعية الاعلام.. المفترض اننا جماعة دينية ضد الاعلام باعتباره يومها ميدانا حراما، كيف تحرم الاغاني وتشتي تدخل اعلام.. �على ذكر هذه الحكاية اردت يوما ان اخطب جمعة ضمن برامج الجماعة في نشر وعيها، واخترت مسجدا في حي الزراعة بالعاصمة. استأذنت من قيم المسجد، وكان قرويا ظريفا وخابز الاخوان وعاجبنهم كما يقال، نظر لي بنص عين، وقال لي: “مو تدرس؟”، قلت له “اعلام”، فرد بسرعة كأن اجابتي انقذته من الاحراج: “الاعلام يغني ويرقص مش يجي يشتي يخطب بجامع”.
وعيه كان نفسه وهي قسم الاعلام وطلابه يومها، فكيف يفوز الاخوان؟
مر عامنا بسلام، ادرنا انشطتنا بسلام، أقمنا الرحلات والحفلات، وكنا نتعرض لانتقادات داخل الاخوان، حتى صار اسمنا اخوان كلية الاداب وقسم الاعلام “اخوان الكعب العالي”..
كنا في المقابل نسمي اخوان كلية “التربية” بكلية القبائل، لكن قيادتنا كلها منها، هي تعتبر نفسها الوصي الديني علينا، مضى العام ونحن في وفاق مع زملائنا الطلاب، ولذا كنا نستقطب الكثير منهم للتنظيم.. تدافع طبيعي بين الاعتدال والتطرف، لكن كلنا في النهاية اخوان. وكانت رئاسة القسم الدكتور محمد عبدالجبار والدكتوره رؤوفة حسن وجميعهم مستنفرين من ادائنا، يرونا ونحن نستقطب الناس بوعي “مخادع”.. ومعهم طلاب الدفعتين الاولى والثانية والمؤتمر والاشتراكي.
في أول رحلة نظمتها الجمعية لطلاب وطالبات القسم، كانت معنا الدكتوره رؤوفة، وقد وقفت اعظ بطريقة حديثه “كاني اقرأ قصة”، وكان الوقت وقت حرب البوسنة، لذا تحدثت عنها وكيف ان النساء يتصرفن هناك كانهن رجال البيت.. وبعد ان انتهيت قالت الدكتور: لماذا تكون هي رجل للبيت، لماذا لاتقدرونها باعتبارها ست البيت..�الدكتوره مستنفرة من هدفنا الخفي في تغيير وعي الطلاب، فالاعتدال الاخواني ليس الا ستارا يختبئ ورائه التطرف والباطنية.
مع بداية العام الجديد، بدأ الصراع على طلاب العام الجديد.
نحن كاخوان، حان وقت استخدامنا الجمعية للهدف الاهم، استقطاب الطلاب ضمن برنامج يبدأ بالترفيه وادعاء انها مجرد انشطة طلابية، وينتهي باستقطاب افراد وادخالهم دورات تنظيمية وصولا الى البيعة على “المصحف والمسدس” في غرف امراء التنظيم الموجودين الى اليوم، وكل مايقولوه عن انتهاء هذا كذب يؤكد باطنيتهم وعداوتهم للاوطان والانظمة وحتى للعمل السياسي، هم جماعة باطنية لاتختلف عن الحوثي في شيئ من هذه الناحية تحديدا.
وخصومنا تحالف شباب المؤتمر والاشتراكي مع رئاسة القسم، قد تكونت لديهم ذا الرؤية التي لم اصل لها أنا الا بعد سنوات، ثم قد انضم للدفعات الجديدة طلابا أكثر حيوية واندفاع، منهم الزميلة رحمة حجيرة وفكري قاسم وكمال الصعفاني وعشرات لا اذكرهم الان..
فقرروا تجريد الجمعية الطلابية من حقها في احتكار تنظيم الانشطة، وبدأت الصدامات، الاخوان يومها وانا منهم صرنا نملك السلطة الطلابية نستخدمها لصالح التنظيم وليس للعلم ولا للاعلام، وحين اتذكر وجوه تلك الانشطة اقول اذا تلك الفترة هي التي شكلت الطريق لسيطرة الاخوان الاعلامية والتي نعيشها اليوم.
والاخرين يريدون المشاركة او مصادرة هذه السلطة، بدؤوا بمحاولة منعنا من تنظيم الفعاليات، وفشلوا، فانتقلوا لمحاولة المنافسة وقرر الاخوان حينها ماقرروه في 2012 في الدولة كلها وماقرروه في تعز مؤخرا، اعتبار كل نشاط للاخرين خطر يجب منعه، والدخول في عراك معه حتى ولو بالاقتتال كما شهدنا جميعا قتالهم اليوم مع شركائهم في مأرب وفي تعز، ومحاولتهم في عدن أيضا ولكنها انتهت بهزيمتهم.
كنت واحدا من الاخوان، كنت انشطهم في الاستقطاب لأن الاخوانية كانت عندي انفتاحا وتشاركا وسلمية وايمانا بالذات وفكرا نقدمه للناس.. لم تكن عندي عنفا او تطرفا سيطرة باقصاء الاخر بالعنف، لذا اقتنع العشرات من الاعلاميين والسياسيين، ومن الطلاب ومن الطالبات برؤيتي ونشاطي.
لم أكن وحدي، كان معي زملائي يومها، يوم خرجت من صنعاء هاربا من الحوثي ديسمبر 2017 اتصل بي “محمد الصرمي” كان هو اول مسؤل تنظيمي علينا في الاعلام، ومع اني لم اتواصل معه من أكثر من عشر سنوات تقريبا، الا انه بمجرد سماعي صوته عرفته، كما حدث بعدها مع كل الاخوان الذين اتصلوا بي يطمئنون علي كأخ وصديق..
كان خالد قحطان، وهو الأخ الاكبر لنا، والذي تعلمنا منه العقلانية والانفتاح، مثل لنا “روح عدن” الاخوانية في صنعاء.. �ذكرتهم الاثنين، لأننا الوحيدون الذين صدمنا من توجيهات الاخوان في قيادة الشعبة والفرع، ولن اذكر اسمائهم هنا، لأن التوجيه كان باسم الاخوان وليس بافرادهم، وانا حين انتقد وأواجه الاخوان، افعل ضدهم كتنظم وفكر وجماعة، يجب حظرها وحماية الدين والدنيا منها، أما كافراد فهم اصدقاء وزملاء واخوة، مواطنين لنا ولهم الحق والواجب ذاته..
كانت التوجيهات متطرفة، وقد تعبنا في تبنيها..�بدأت بادانة فكرنا كطلاب للاعلام..�ورفض كل محاولاتنا التحديثية.
نطالب بتنظيم فعالية ندعي لها الاطراف السياسية، فيكون الرد دعوة الزنداني والانسي ووعاظ، لتقوية ايماننا، تقييمهم لنا اننا ضعاف الايمان.
سأواصل الكلام.. في الحلق الثانية