د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
أدب الاختلاف والخلاف !! "الحلقة الثانية والأخيرة"
استكمالا لما كتبه الصحفي البارز الأستاذ صالح أبو عوذل في مقاله بعنوان ( اختلفوا بشرف وبشجاعة) نشارك بالرد على ما يمارسه البعض من نقد هدام فنقول :
يحاول النقاد في النقد الأدبي أن يتعرضوا للجوانب الايجابية في النص الأدبي والى الجوانب السلبية فيه
حتى تكون الصورة واضحة في ذهن القارئ!!.
الخلط بين الشتيمة والنقد
وبقدر ما نأمل في التأسيس لثقافة تحترم مبدأ النقد وأهميته في احترام الآخر بقدر ما نأسف لكثرة من يخلط الشتيمة بالنقد.
النقد مبدأ حضاري، والشتيمة سقطة حضارية
.
إن البعض يغيب عنه العقل والمنطق ويهيمن على خطابه الشتيمة في تعميمات مخجلة تطال الأفراد والمجتمعات والقبائل والتاريخ والإنسان،
ويستخدم مفرداته في إقصاء الآخرين معتقدا انه في اختلافه معه في دائرة " المغضوب" عليهم فكريا حتى تطال الشتيمة اسمه وأسرته وعشيرته.
.
وإذا عبرت عن رأيك ورفضك لمثل هذا الخطاب يأتيك الرد صاعقا: الست من دعاة النقد والاختلاف في الرأي؟!!
وتقسم حينها بأغلظ الإيمان انك مع النقد ومع التعبير عن اختلاف الرأي كذلك في
الوقت نفسه تعرف الفرق بين النقد والبذاءة.. بين حرية التعبير وحرية الشتيمة.
والغريب أن البعض يستدعيك ليس للحوار بل للمحاكمة والتحقيق وهو نفسه تحت اسم مستعار فكيف يستوي الأمر وأنت تحاور المجهول ؟
وقد يعتب عليك ويتهمك بالكبر والترفع عن الرد ويصدر عليك أحكاما مسبقة وهو لا يعلم بعذرك!
إن الكتابة أصبحت اليوم في بلادنا مهنة من لا مهنة له واعني بذلك بعض النكرات الذين يعقبون على مواقع الرأي والتواصل الاجتماعي في الفضاء الالكتروني الواسع الذي اختلط فيه الغث بالسمين والحابل بالنابل والعاجز والكسيح والفاشل والمبدع !!.
واعني بذلك فئة من المعاقين فكريا الذين لا يستطيعون أن يعبروا عن أرائهم سوا بالسب والقذف للآخرين ..لا لشيء إلا لأنهم يختلفون معهم في الرأي ..بينما المثل العربي يقول ( الخلاف لا يفسد للود قضية)!!
فإذا كان الخلاف في الرأي يظل في إطار النقد البناء ومقارعة الخصم بالحجة فذلك شأن محمود بل ومطلوب ولا مانع من تقييم المعوج وتصحيح مساره ولكن شرط اقتصار النقد لموضوع الكاتب وليس التعرض لشخصه بالإساءة والقذف واتهامه بما ليس فيه!!
وأنا اقصد هنا بذلك من يعلقون وهم بعض النكرات الذين يضعون على رؤوسهم طواقي الإخفاء لحجب شخصياتهم المعاقة والمريضة ومحاولة التخفي بأسماء وهمية لصب جام غضبهم وحقدهم على الآخرين الذين يختلفون معهم تحت لافتة عريضة اسمها ( حرية الرأي ) وهو حق مكفول للجميع في حال توافرت شروطه وأركانه!!
ومنها إعلان الشخصية المنتقدة وعدم قذف الآخرين والتركيز على نقد الفكرة أو المقالة والابتعاد عن الإساءة والتجريح للذين يختلفون معه في الرأي وليس الشخصي !!
وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة تزايد مثل هؤلاء النكرات المعاقة والمصابة بالإفلاس الفكري وضعف الشخصية لاحظنا سفاهتهم وتطاولهم في الفضاء الالكتروني على بعض الرموز والقامات الوطنية والانزواء خلف الجدران المظلمة حتى لا تنكشف عوراتهم وأسمائهم وسوءاتهم أمام من يعارضونه خوفا وجبنا ويعجزون عن مقارعتهم ومجابهتهم وجها لوجه!!
وهم لا يستطيعون ذلك لأنهم مصابون بالكساح الفكري لضعف حجتهم وسوقية ألفاظهم وبذاءة كلامهم الذي يختبئون خلف حروفها !!
ولكي تبلغ المقصود وتحقق هدفك من الانتقاد البناء اختر الكلمات الطيبة انتقي العبارات الهادفة ، بأسلوب طيب خال من لغة التجريح أو الاستهزاء أو التقليل من قدر من يخالفك الرأي ، حتى لا تزيد من نكوصه عن سماع الحق !!
كان النبي عليه الصلاة والسلام حين يريد أن ينتقد صحابيا يثنى عليه ويذكره بأفضاله وحسناته حتى يرفع من معنوياته فيفتح بذلك قلبه لسماع النقد أو النصيحة فيقبل على النصيحة بقلب راض ، ننتقد لكن لا ننسف الحسنات والإيجابيات ، وقبل الانتقاد نسمع منه هو لا نسمع من غيره دون تبصر أو تمعن ، بل نتأكد من الخبر ونتقصى الحقائق ونستبين الأمر ونفهمه جيدا ، حتى لا نستعجل في الحكم عليه قبل الوقوف على الحقيقة ، والتيقن من الأمر حتى لا نظلم أحدا بتسرعنا ..
وأنا هنا لا أعارض النقد البناء للرأي ولا أدعو إلى حصانة من يكتب أو مصادرة حرية الرأي مع من يخالفه ولكنني ضد تحويل النقد إلى أداة هدم وسفاهة في القول تطال شخصيات وطنية أو بعض من يكتب ويعبر عن رأيه لا لشيء سوى اختلافهم معه ،وأنا هنا ضد ثقافة الإقصاء ونشر الكراهية والشخصنة في الطرح وضد سفاهة القول التي تضعف معها الحجة ويختفي معها المنطق والحكم المتوازن لتقييم ما يكتب
علما بأنني قطعت عهدا على نفسي أن لا أحاور ولا أجادل أي شخص في أي وسيلة إعلامية حتى لا أجاري البعض فيما يذهب إليه من جدل واتهامات غيبية
ولا يعلم الغيب إلا الحق سبحانه فهو المطلع على النوايا،وهذه العادة متبعة عند كتاب الصحف يكتبون المقال ثم يتركون للقارئ التعقيب على ما كتب .
وليس معنى هذا أن ما أطرح غير قابل للنقاش بل على العكس أنا مستعد للمناقشة والمواجهة مع أي شخص وجها لوجه ومن عنده حجة أو دليل فليقدمه
ومن أراد أن يعترض على ما أكتب أو يضيف معلومات ناقصة فلا مانع ففي ذلك
فائدة للقراء والكمال لله وحده وأنا بشر معرض للخطأ مثل غيري
ولا أدعي أنني ملم بكل شيء فأرجو من الجميع تفهم هذه النقطة وبهذه الطريقة يمكننا أن نصل إلى الفائدة والمعلومة الصحيحة إذا أخلصنا النية
إما إذا كان الغرض هو الاعتراض لذاته فلن نصل إلى الفائدة المرجوة.
كما أود الإشارة هنا إلى مسألة مهمة أرجو أن يتفهمها الأخوة والأبناء وهي عدم التعرض للرموز والشخصيات من كافة أبناء الوطن بمختلف أطيافهم أو الإساءة إليهم تحت أي عنوان .
كما أطالب الجميع بإشاعة ثقافة التسامح والبناء والمحبة والتآلف لأننا نعيش اليوم في زمن التكتلات والتجمعات ويكفينا الفرقة والشتات وأحوالنا شاهدة علينا فيما وصلنا إليه..
الفرق بين النقد البناء والنقد الهدام:
النقد البنَاء:
- النية خالصة لله - الاستشهاد بالأدلة - استخدام الأساليب العلمية
- يحرص على نصيحة الأشخاص - زيادة الألفة والأجر.
النقد الهدام:
- لا يشترط صفاء النية - قد يحتوي على التشهير والحساسية العالية
- يكون نقده حادا أو جارحا - قد يخلق عداوات وصراعات
- شتم وتجريح شخصي - همه كسب المواقف
شخصية القاذف
" إن شخصية القاذف أو المسيء للناس من الشخصيات المهزوزة غير المتوازنة وغير المستقرة، وهو يستخدم هذه الطريقة كنوع من التهرب !!
لأنه يشعر بنقص حاد في قدراته، ولأنه أصلا لم يقتنع أن الإخفاق جزء من حياة الإنسان، كما هو النجاح كذلك،
وهذه إحدى الحيل النفسية التي تسمى بـ " الإسقاط النفسي"
وان هذه الشخصية تعكس ما بداخلها من ضعف وقصور وتدهور وهبوط نفسي وكلما اشتدت العبارات والكلمات في حدتها كان التدهور سريعا،
وأكثر عنفا، فهو ينتقل من مرحلة إلى مرحلة اشد منها، مع الاحتفاظ بخصائص تلك المرحلة السابقة.
مبينا انه يستمر في عملية السب والشتم والتشهير بالآخرين بحجة محاربة الخطأ ويعتبر هذا نوعا من التنفيس ومحاولة لجبر النقص الذي يشعر به تجاه نفسه،
وتجاه الآخرين، ومحاولة التقليل من شأنهم، وكأنه يريد بهذا الفعل أن يثبت لنفسه الوجود والتفوق والنجاح أمام غيره، بينما هو بعيد عنها كل البعد، فالأضداد لا يجتمعون"
وأخيرا ثمة نوعان من البشر لا يرتجى لهما شفاء من وباء التذود والاحتراب والتآكل، الأول: من جهل تاريخه. وكرر أخطاءه، والثاني من وظف المعرفة لصالح التجهيل..
د. علوي عمر بن فريد