علي ناصر محمد يكتب:

وداعا أستاذ محمد هادي

في وقت ينفرط فيه رجالات الثورة والدولة واحدا إثر الآخر فجعت وفجع الوطن برحيل الأستاذ والدبلوماسي السفير محمد هادي عوض فينضم ألم جديد الى آلامنا وحزن عميق الى أحزاننا التي لا تتوقف، وجرح غائر الى جراح هذا الوطن .. هذا اليمن المسكون بالحروب والموت والعذابات والآلام التي لا تنتهي.. وفي كل موت صديق أو عزيز أو مواطن لا نملك سوى الحزن والألم وتدبيج كلمات التعزية التي لم تعد تسعفنا للتعبير عن فداحة المصاب .. في الرجال .. وفي الوطن ..
‏كان الاستاذ محمد هادي عوض من أوائل الدبلوماسيين في تأسيس وزارة الخارجية وسفارة اليمن في القاهرة ومندوب اليمن في الجامعة العربية، وقد تعرفت اليه عندما كان مسؤولا في وزارة المعارف الاتحادية قبل الاستقلال، وكان هذا هو اللقاء الأول معه في نهاية ١٩٦٣ وبداية ١٩٦٤م وكنت يومها خارجا من السجن وخارجا من ولاية دثينة مع المناضل حسين الجابري وآخرين بتهمة علاقتنا مع حركة القوميين العرب والتحريض على المظاهرات ضد الاستعمار في ولاية دثينة.
وكان الفقيد الكبير صديقا لحركة القوميين العرب، إن لم يكن عضوا فيها، ونصح حينها الاستاذ والتربوي والمناضل والقيادي وأحد المؤسسين في حركة القوميين العرب علي احمد السلامي أن أزور الاستاذ محمد هادي عوض وسيرتب وضعي في المكان المناسب.
وعندما التقيت معه رحب بي وقال إن الاستاذ علي السلامي قد اتصل به بشأني وقال أن أمامي خيارين: الأول هو السلطنة العبدلية والثاني سلطنة الواحدي. وكان الهدف من التعيين في إحدى السلطنتين هو أن أكون مشرفا ومسؤولا عن فرع حركة القوميين العرب في أحدهما. فاخترت لحج مدينة الحوطة والمدرسة المحسنية في الحوطة. 
وبفضله تعرفت على لحج التاريخ والحضارة والفن، كما تعرفت على الرفاق في الحركة: المناضل والمفكر علي عبد العليم، عوض ناصر صدقة، محمد عبادة الحسيني وغيرهم... كما تعرفت على شعرائها وفنانيها وأدبائها. وكانت هذه البداية لأصبح بعد أربع سنوات محافظا للمحافظة الثانية (لحج لاحقا) ويعود الفضل له في ذلك.
لم تنقطع اتصالاتي معه منذ تعرفت اليه في عدن ومصر وغيرها من اللقاءات في صنعاء قبل وبعد الوحدة.
كان الفقيد سفيرا ناجحا ودبلوماسيا مرموقا على المستوى العربي والدولي وعندما يذكر اسمه فلا يذكر باسم المناصب التي تبوأها وإنما يسبق اسمه دائما بالأستاذ.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.