فاروق يوسف يكتب:

ديمقراطية قطر هي أقل من كذبة

هل المطلوب أن تكون قطر دولة ديمقراطية؟ أعتقد أن الدولة الخليجية، الغنية بالغاز إنما تحرج نفسها حين تذهب بقدميها إلى مناطق، كان حريّا بها أن تبتعد عنها. فالنظام القائم فيها لا يسمح بأن تكون الديمقراطية أسلوب حياة. وهو أمر يمكن تفهمه لولا أن قطر أساءت فهم الديمقراطية حين تعلق الأمر بالآخرين.

ويكفي أن تُذكر سوريا لكي يتم التعرف على مستوى “الوعي الديمقراطي” لدى النظام القطري. وهو وعي هبط بمحتويات إدراكه إلى مستوى الجماعات الإرهابية المسلحة التي موّلتها “قطر” بالمال والسلاح وهناك بالضبط يكمن جزء من أسرار تلك الدولة الصغيرة التي لا تزال تمتلك علاقات حسنة بالولايات المتحدة بالرغم من أنها تعد واحدة من أهم حواضن الإرهاب في عالمنا المعاصر باعتراف سياسييها وأجهزة إعلامها.

كان من الممكن القول إن هناك نوعا من سوء الفهم والتباس الموقف وقعت فيه دولة صغيرة، لم تكن خبرتها السياسية الساذجة تؤهلها للجدل في مفاهيم معاصرة، نتجت عن مجتمعات الغرب المعقدة لولا أن قطر اختارت أن تركب المركب الصعب حين سعت إلى تركيب معادلة غريبة كان طرفاها الإسلام السياسي بوجهه المسلح والديمقراطية التي تعتبر مطلبا غامضا في ظل حاجة الشعوب إلى الخبز.

في حقيقة الأمر لا يحتاج أمير قطر إلى من يرشده إلى الطريق الصحيحة من القطريين. هناك شركات عالمية تقوم بتلك المهمة. وهناك مَن يعتقد أن الرجل يفعل ما يُملى عليه من قبل تلك الشركات التي لا يمكن سوى أن تكون واجهة لأجهزة مخابراتية، وجدت في ارتباط النظام القطري بجماعة الإخوان المسلمين منفذا مريحا لها من أجل أن يستمر عمل الجماعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم العربي.

قطر لا تقوم بدور إيجابي على مستوى الإقليم حين تناصر إيران على العرب

لذلك فإن الحديث عن “مجلس شورى” بطريقة جديدة إنما هو نوع من محاولة البحث عن غطاء محلي، يقوم من خلاله “قطريون” بالتستر على حقيقة ما تفعله تلك الشركات التي لا يهمها في النهاية سوى الحصول على الأموال.

“الديمقراطية القطرية” هي أقل من كذبة. ذلك لأنها تدحض نفسها بنفسها ولا تبحث عمَن يصدقها في ظل وهم هيمنة قناة الجزيرة على الرأي العام العربي. ذلك وهم لن يصدقه القطريون بعد أن أنفقوا المليارات من الدولارات من أجل أن يكونوا في موقع لا يحتاجون إليه وأن ينجزوا ما لم يكن مطلوبا منهم. أن يكونوا ديمقراطيين بالطريقة التي تنسجم مع تمسكهم بجماعة الإخوان المسلمين.

ليس المطلوب من قطر أن تكون بلدا ديمقراطيا. فذلك أكبر منها. المطلوب منها أن تنصف نفسها. عليها أن تكتفي بما هي فيه لتراجع أسباب القطيعة العربية التي دفع القطريون ثمنها نفسيا واجتماعيا.

هناك شعور بالظلم لدى القطريين على الحكومة القطرية أن تراجع أسبابه. كما أن قطر لا تقوم بدور إيجابي على مستوى الإقليم حين تناصر إيران على العرب. فإيران ليست مثالا مضيئا وليست العلاقة بها تشرف أحدا. يعد أمير قطر مواطنيه بديمقراطية كانت بلاده قد قدمت أسوأ نماذجها في تاريخ البشرية وهي ديمقراطية القتل.