فاروق يوسف يكتب:

جميلات النهضة والزعيم الوحش

لطالما توقعنا أن تقوم حركة النهضة بالزج بنساء غير محجبات في قوائمها الانتخابية. وها هي اليوم تفعل.

اللعبة بالنسبة لشيخ الحركة تكاد أن تكون محكمة ومتقنة. فحركته حسب قوله قد تحولت من تيار إسلامي مغلق على مبادئه النظرية إلى حزب وطني يتسع للجميع. "أين يقع ذلك الجميع؟!"

الرجل الذي يستنجد بـ"الدوحة" كلما مر بأزمة لا يمكن أن يكون موقع ثقة حين يتعلق الموضوع بالعلاقة الجوهرية التي تربط حركته بالتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.

يمكنه أن يلعب بالحقيقة في بلد، يعرف أنه لن يعرضه للمساءلة القانونية. لقد سبق للغنوشي أن ترك حكومة حركته لتتساهل مع المتشددين ليتورط التونسيين والتونسيات في حرب سوريا بطريقة قذرة ولم يسأله أحد.

لقد ولّدت تلك الفترة من حكم النهضة جيلا من الارهابيات والإرهابيين الذين صدرتهم تونس وعادت لتستقبلهم بكل رحابة صدر، كما لو أنهم كانوا في رحلة سياحية.

كانت تلك تجارة عبر من خلالها عن عمق انتمائه إلى جبهة الاخوان المسلمين.

اليوم يتاجر بنوع جديد من النساء. نساء جميلات وغير محجبات يصنع منهن واجهة لحركته، ليضلل من خلالها الناخب التونسي. إنه يصنع مشهدا بألوان فاقعة يزين بها حفلته الانتخابية.  

هناك احتمالان يقفان وراء صناعة تلك الواجهة. نهضويات خلعن حجابهن خدمة للحركة وهو سلوك يبرره فقهاء الحركة باعتباره نوعا من النضال في الأوقات العصبية أو نساء هن من خارج الحركة تم استئجارهن من أجل أغراض انتخابية.

في الحالين فإن الامر يعتبر "حلالا" في سياق شريعة الحركة. ذلك لأن الأساليب التي تؤدي إلى الوصول إلى السلطة تعتبر حلالا.

"الحلال" الذي تتبناه حركة النهضة هو ما يجب أن يحذره الناخب التونسي. فالجميلات غير المحجبات اللواتي يمثلن حركة النهضة ما هن إلا واجهة زائفة يمرر من خلالهن شيخ الحركة واحدة من أكثر أساليبه في التضليل همجية.

إنه يضحك من خلالهن على المزاج التونسي الذي يمكن أن تخدعه المظاهر وتلعب به الأشكال. وهو ما يشكل عدوانا على أعظم ما أنجزه التونسيون في العصر الحديث.

يتاجر الغنوشي بالمرأة التونسية ويستغلها من أجل أن يحقق اختراقا في الانتخابات المقبلة. وهي تجارة شكلية ذلك لأن الرجل يبيت الشر للنساء التونسيات اللواتي يعرف أنهن وقفن ضد استمراره في الحكم في أوقات سابقة.

لا يراهن الغنوشي على المرأة التونسية الحقيقية بقدر ما يراهن على التضليل من خلال انتحال صورتها. وهي الصورة التي تظهر من خلالها نساؤه الجميلات، غير المحجبات.

بجميلاته السافرات يخدع الغنوشي الجمهور التونسي غير أنه في الوقت نفسه يعلن حربا على النساء مستعملا دمى نسائية قرر أن يقفن في البرلمان بدلا من المرأة التونسية الحقيقية وممثلات لها. إنه يحارب بدماه المأجورة نساء تونس الحقيقيات ويوجه الإهانة لهن ولتاريخهن في المساهمة العميقة في بناء الدولة المدنية.

لعبة يعتقد الرجل الذي يعتمد المراوغة أسلوبا في السياسة أنها ستمر في ظل مزاعمه بأن حركته قد تغيرت وأنها اليوم أقرب إلى أن تكون تيارا سياسيا مدنيا. وهي مزاعم كاذبة لا يمكن التعويل عليها

يعتقد الغنوشي أنه يطل على المشهد السياسي التونسي بصورة جديدة من خلال جميلاته السافرات. كما أنه في الوقت نفسه يراهن على غسل أدمغة التونسيين بتوصيف زائف للإسلام السياسي يبعد عنه تهمة التشدد.

في الحالين فإنه يعيد إلى الأذهان صورة تشارلي المحاط بملائكته في المسلسل التلفزيوني الأميركي الشهير.

سيكون الغنوشي وجميلاته واحدا من أهم عناوين التنافس الانتخابي حتى أكتوبر المقبل غير أن ذلك الحدث ينبغي أن يكون من وجهة نظر التونسيات والتونسيين جزءا من مسلسل فكاهي مشوق، ينتهي بخروج البطل من السباق خاسرا بعد أن يتم الكشف عن حقيقة أن جميلاته ما هن إلا دمى مستعارة.