فاروق يوسف يكتب:
حماس "الإيرانية" ليست أفضل من حماس "القطرية"
مرة أخرى تعود حركة حماس الفلسطينية إلى أحضان إيران. لكنها تعود هذه المرة بشرط تخليها عن ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين. لم يكن ذلك شرطا معلنا غير أن التمهيد لتلك العودة من خلال إعادة العلاقات مع النظام السوري يفصح عنه. فـ”حماس” كانت إلى وقت قريب مؤيدة لنشاط الجماعات المسلحة المعارضة التي ينتمي جلها إلى جماعة الإخوان.
كما أن حماس تلتقي في الكثير من مبادئها السياسية مع جماعة الإخوان المسلمين وقد حامت الشبهات حول تلك العلاقة أثناء السنة اليتيمة التي حكم فيها محمد مرسي مصر ممثلا للإخوان.
كانت حماس ولا تزال تستلم تمويلا محدودا من قطر بموافقة إسرائيلية. غير أن قطر وبسبب القوانين الأميركية الخاصة بتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية صارت تواجه مشكلات حقيقية في إيصال الأموال إلى حماس وهو ما دفعها إلى الاستعانة بإسرائيل التي لا توافق إلا على ما يسد الرمق. وهو ما لا يرضي قادة حماس الذين يتطلعون إلى استثمار مقاومتهم على الصعيد المالي لذلك دخلوا من باب الضائقة المالية إلى المحور الإيراني.
قادة حماس يعرفون جيدا قواعد اللعبة. وهي لعبة صارت مفضوحة. صلتهم القديمة بالنظام الإيراني تؤهلهم للعب بمشاعره بالرغم من أنهم يدركون أن ذلك النظام سيستعملهم بدهاء باعتبارهم دمى في مسرحه الذي يضيق ويتسع. من جهته فإن النظام الإيراني لا يكترث كثيرا بالدافع الانتهازي الذي يقف وراء عودة حماس الطوعية إلى محوره. الحديث عن المبادئ من أجل التسويق شيء وتطبيقها شيء آخر.
في هذا الوقت العصيب الذي تمر به إيران يمكن لحماس أن تكون نافعة وهو ما يدركه قادة حماس. إيران في حاجة إلى مَن يقف معها بأي ثمن. لا شيء من الخديعة بين الطرفين. هما يقفان عند حدود المنفعة المتبادلة. طبعا ستكون الفكاهة في ذروتها حين يتعلق الأمر بالعدو المشترك “إسرائيل”.
لقد اختطفت حركة حماس قطاع غزة لتضعه في مزاد النزاعات الدولية. إنها تقبض من جميع الأطراف لا من أجل تحسين الأوضاع المعيشية في القطاع بل من أجل إثراء زعمائها
لن تعترض قطر على انهيار رعايتها لحماس غير أنها ستفقد مناسبة “شرعية” للاتصال المباشر بإسرائيل. كما أن صور خامنئي ستحل محل صور تميم. أمران مزعجان غير أن شعور قطر بأن الرعاية الجديدة إيرانية سيخفف من انزعاجها. ليس من المستبعد أن تكون حماس قد نسقت مع القطريين في ما يتعلق بتحولها الانتهازي. الأمور تحت السيطرة بالنسبة للجميع.
أما بالنسبة لإسرائيل فإن حركة حماس وإن كانت لا تشكل خطرا عليها فإنها في انتقالها إلى الولاء الإيراني ومن خلاله إلى الولاء السوري قد تسبب لها في بعض الإزعاج. فـ”حماس” بضاعتها مكشوفة بالنسبة لإسرائيل. حماس ليست حزب الله. وغزة ليست لبنان.
ربما صارت إسرائيل تشعر بالملل من تدمير غزة. لذلك فإنها قد تبحث عن حلول أخرى لعلاقتها الشائكة بحماس. وهو ما يخيف قادة حماس ويردعهم عن القيام بمغامرة جديدة.
سيكون الوضع آمنا على جبهة غزة. ذلك ما يمكن أن تضمنه إيران في حال سعت إسرائيل إلى تليين الموقف الأميركي. فهل ستكون حماس وسيطا بين إيران وإسرائيل في ذلك الاتجاه؟ على الفلسطينيين أن يتوقعوا ذلك.
ليس مهما أن تنتقل حماس من محور الإخوان إلى محور إيران، فليس هناك فرق بين الطرفين. المهم أن حماس لم تعد تضع النضال الوطني الفلسطيني هدفا لها. كل ما تقوم به يدخل في حسابات الربح والخسارة في الاستثمار بالقضية الفلسطينية في ميدان الصراع في المنطقة.
لقد اختطفت حركة حماس قطاع غزة لتضعه في مزاد النزاعات الدولية. إنها تقبض من جميع الأطراف لا من أجل تحسين الأوضاع المعيشية في القطاع بل من أجل إثراء زعمائها.
لن يكون هناك فرق بين حماس الإيرانية وحماس القطرية بالنسبة لإسرائيل إلا بما تقدمه من خدمات على مستوى المعلومات. يوما ما سنكتشف أن حركة حماس باعت الجميع لإسرائيل بثمن بخس.