بكر أحمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل أعلنت اليمن الحرب على الجنوب

خلال 48 ساعة شنت قوى شمالية بمختلف توجهاتها حربا مركزة على الجنوب فقاموا بقصف معسكر في عدن وتفجير مركز شرطة ثم الهجوم على معسكر في ابين، وفي كل تلك العلميات الأرهابية امتاز الهجوم على أمرين مهمين .
الأول : أن الأهداف الثلاثة كانت تتبع قوى عسكرية جنوبية،حيث تم استثناء القوات الشرعية منها وكأنها تبخرت وغير موجودة او كأنها لم تعد تشكل خطرا على أحد.
الثاني: هو التزامن المدهش ما بين الحوثي والقاعدة والذي سبقه حملة إعلامية عنيفة ضد المجلس الإنتقالي وضد الأمارات تكفل به تنظيم الإصلاح.

هذان الأمران يدلان على انه هنالك تحول نوعي في مسار الحرب الدائرة والتي بعد ما كانت من اجل تحرير اليمن وإعادة حكومته الشرعية أصبحت حربا ما بين اليمن وبين الجنوب، وفي الغالب وفي كل الحروب السابقة والتي يشنها اليمن على الجنوب، فهي تمتاز بعنف شديد مع تنسيق عالي ما بين القوى الإرهابية المتواجدة كخلايا نائمة يتم تنشيطها وما بين القبائل والأحزاب الشمالية، هذا الأسلوب المعتاد اصبح من الممكن التعامل معه وخاصة ان الجنوب اصبح الان يمتلك ما يستطيع ان يصد به هذا العدوان وان يمتص الضربة الأولى ويعيد تنظيم صفوفه بطريقة احترافية.


بعد تلك الهجمات التي تمت بتنسيق معلن، اتبعته حملة إعلامية شرسة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي ضد المجلس الانتقالي متهمة إياه بأنه يشن حملة ضد المواطنين الشماليين والتعرض لممتلكاتهم وترحيلهم، واستطاعوا وفي لمح البصر نقل المعركة من ذلك الهجوم الإرهابي الذي قتل أربعين جنديا جنوبيا، وتحويل الضحية إلى مجرم ومعتدي وأيضا تم ذلك عبر مختلف الشخصيات الشمالية سواء كانت حوثية أو إصلاحية أو مؤتمرية إلى درجة أنه قام احدهم بالتهديد برفع قضايا جرائم حرب ضد الجنوبيين لأنهم يعتدون وبطريقة عنيفة على الشماليين في عدن حسب تعبيره ، متناسيا بنفس الوقت الكم الهائل من الجرائم الذي ارتكبها عفاش والإصلاح والحوثي في فترات متتالية في الجنوب.

هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها اليمن يتحد ضد الجنوب، فالتاريخ المعاصر مليء بالأمثلة الدموية، لكن المثير في هذه المرة هو توحدهم وبهذه الطريقة المتناسقة رغم ان بلدهم يعاني من التمزق والحروب الأهلية، أنهم في اسوء حالاتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية ولكنهم ورغم ذلك تناسوا كل ذلك ليوجهوا بنادقهم وصواريخهم وأقلامهم باتجاه الجنوب.

هنالك قناعة شبه تامة لدي الجنوبيين بأن اليمن لن يتوقف عن هذا العداء المفرط الذي يبيح له استخدام كل الصواريخ والطائرات المسيرات وربما قد يستخدم الأسلحة المحرمة أن امتلكها حتى يعيد احتلال الجنوب مرة أخرى، وهذه القناعة يجب ان يترتب عليها استعداد تام، وضمان التفوق العسكري والاقتصادي والأهم من كل ذلك هو الانفصال المعنوي والثقافي والاجتماعي عن اليمن متزامنا مع الانفصال السياسي، فنحن وكما ندعي بأننا دولة وشعب وكيان مستقل،وعليه يجب علينا ان نثبت هذا الأمر من خلال الممارسات اليومية، مثل منع تعاطي القات وإغلاق تلك الأسواق التي تروجها والتي تنتشر مثل الفطر في أحياء عدن ومدن الجنوب العربي،وأيضا علينا مكافحة الفساد بمختلف أنواعه وتوزيع الوظائف بناءَ على الكفاءة وليس بناءً على الانتماء الجهوي أو القبلي، الانفصال الحقيقي ليس فقط انفصالا سياسيا وبيان يصدره الجنوبيون، فنحن لا نسعى إلى انفصال يقوم بالحفاظ على كل تلك القيم السلبية التي جاءت بها الوحدة حتى فقط نرفع فوقها علم الجنوب العربي.

الإنفصال المعنوي هو الجدار الأقوى والأهم والمنيع امام اي هجوم يمني قادم، ثم يأتي الانفصال السياسي والتفوق العسكري وبناء التحالفات الأقليمية والدولية وعندها ستكون لدينا دولة منيعة لا تبالي بوضع اليمن سواء كان متحدا او ممزقا.