بكر أحمد يكتب لـ(اليوم الثامن):
هل يخون الجنوبي؟
الأحداث الأخيرة التي حدثت على مشارف عدن والتحشيد العسكري المتزامن مع تنسيق إعلامي ضخم كان يوحي بحدوث معركة حربية لدخول عدن بالقوة معرضين بذلك حياة المدنيين للخطر وضاربين بعرض الحائط اتفاقية الرياض،مع إصرار كل القوى النافذة في الحكومة الشرعية بأن القتال سيكون جنوبيا جنوبي من اجل ما يدعون أنها معركة الوحدة.
ولأن لديهم إعلام لا يستهان به،وايضا لأننا نعلم جميعا بان ما يطلق عليها بالشرعية هي غطاء لتنظيم الإصلاح الشمالي والذي يمتاز قادته ومثقفيه وكوادره بالحقد الشديد على الجنوب لأسباب كلنا نعرفها، كان يجب وتحت ذاك الضغط الإعلامي والعسكري ان نتساءل: هل فعلا كل من كان يحشد خارج عدن لغزوها هم جنوبيين، وأيضا نسائل ،لماذا يخون الجنوبي ويرضى بان يكون أداة بيد جماعة لطالما لم تخفي كراهيتها لكل ما هو جنوبي؟
للأسف تبين لنا بان تلك الحشود كانت فعلا تحت قيادات جنوبية، وأنها كانت مستعدة لخوض معركة دموية تكون نتائجها مخيفة ومدمرة لصالح قوى شمالية لكي تأتي تلك القوى وتضع يدها على الجنوب من جديد، مجرد تصور هذا السيناريو لا بد وأن تصاب بقشعريرة في بدنك وبذهول شديد،لأننا كلنا نعرف بان هذه المعركة و ان حدثت فهي ليست من اجل الوحدة، لأنه لم يعد هناك طرف آخر نتوحد معاه ناهيك ان كل منجزات ما كانت تسمى بالوحدة هي كومة من الكوارث والمظالم التي وقعت على الجنوبيين والأهم من كل هذا هو أن الشعب في الجنوب قرر ان يستعيد وطنه وقدم الآف الشهداء من اجل تحقيق هذا الهدف النبيل، اذا كيف يجروء جنوبي على رفع سلاحه على جنوبيين مثله من أجل أهداف اقل ما يقال عنها بأنها خسيسه ومبتذله وخالية من أي حس إنساني أو أخلاقي.
اذا لماذا يخون الجنوبي، وهل فعلا صفة الخيانة مصطلح نستطيع أن نطلقه عليه، لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة قبل أن نستقريء خلفيات تلك القيادات العسكرية الجنوبية، فتلك القيادات واقعة تحت هيمنة إصلاحية قوية و التي تعتمد على غرس مفاهيم شديدة على كوادرها ضمن خلطة إيديولوجية معقدة تكون مبنية على مفاهيم قبلية وعصبية ودينية متطرفة دون ان تطرح فكرة الوطن والمواطنة ضمن هذه الخلطة، كما أنها تشدد على مبدء الولاء الشديد لقيادات ذلك التنظيم حتى وان كانت على حساب كثير من القيم الوطنية والأخلاقية.
بطبيعة الحال علينا ان لا نغفل عامل مهم جدا في تلك القيادات الجنوبية العميلة ألا وهي الفساد الكبير المعروف عنها، إذ أنه لا يخلوا احد منهم وإلا متورط بعمليات بسط او نهب او لديه مصلحه الشخصية يريد ان يعود اليها، ولكم ان تتخيلوا كل هذا الأمور موجودة في شخص واحد، اليس حينها من المتوقع ان يقوم بأي شيء حتى وان كان هذا الشيء غزوه لأهله وشعبه من اجل عمائم أصلاحية طالما اصدرت فتاوى لتكفير الجنوبيين واستباحة دمائهم واموالهم.
بطبيعة الحال الجنوبيين ليسوا شعب مثالي، ولا يوجد في هذا الأرض شعب مثالي إطلاقا، ولكن وكما انه هنالك حدود للمثالية فهناك أيضا حدود للخيانة، والخونة وان كانت المباديء الوطنية ملتبسة لديهم، عليهم أن يتذكروا فقط وضع من قام بعمل مشابه لعملهم في حرب 1994م وكيف تم اقصائهم من كل مفاصل الدولة وتهميشهم وظلت قوى الشمال نافذة ومتمكنة من الحكم ومارست اسوء انواع الإستبداد والديكتاتورية والفساد لمدة تزيد عن ثلاثون عاما ادخلت كل اليمن في دهليز الفقر والتخلف والفشل، والان هم يريدون ان يعيدوا لنا ذلك الحكم ولكن بطريقة اشد استبداد وكاهنوتية، لأنه وان كان علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام تسبب بكل تلك المآسي، فتنظيم الإصلاح الديني سيكون اكثر دموية وارهابا منه، لأنه تنظيم يستند إلى مباديء خالية من اية قيم نبيلة وإنسانية ويعتقد ان وظيفته فقط الوساطة ما بين الله وبين البشر،وفكر مثل هذا لا تستطيع ان تعارضه لأنه حينها سيدعي بأنك تعارض الله مباشرة وهنا الكارثة المخيفة وخاصة أننا نعلم بان قياداته هم اسماء لطالما كانت شريكة في فساد الحكم البائد وتمتاز بقسوة مفرطة وأنانية شديدة.
الجنوب لن يكون بخير مادام هناك اشخاصا ينتمون أليه مستعدون ان يكونوا ادوات بيد اعدائه، وأن كنا نعارض منهجية الانتقالي او المتنفذون الجنوبيين حاليا فهذا لا يعني ان نكون في الصف الآخر ضده، يجب ان نبقى جنوبيين وان نناضل من اجل إصلاح الفساد في الجنوب والاختلالات المناطقية التي تحدث الان، ولكن من العار والمعيب ان نقبل بدور عميل هذا لأن التاريخ لا يرحم.