بكر أحمد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الأهم هو المواطن الجنوبي
هل كان هناك خيار آخر أمام المجلس الانتقالي، هل كان بإمكانه مثلا تجاهل كل ما يعانيه المواطن الجنوبي ويدير ظهره له مثلما تفعل تلك الشرعية، نعم كان بإمكانه فعل ذلك، كان بإمكانه ممارسة دور عقيم وحيادي وان يحافظ على مكتسباته التي حصل عليها مؤخرا في اتفاق الرياض بينما ستتحمل الشرعية كل الفشل الإداري في الجنوب، لكن وفي مثل تلك اللحظات الفارقة يمكن التمييز بين المعادن، فالشرعية لم ولن تتحرك قيد انملة لتحسين وضع الجنوب، لأنه وكما صار واضح للجميع انها تمارس دور الجلاد على ظهور كل الجنوبيين كعقوبة جماعية لهم، وهذه العقوبة لن تتوقف وستستمر إلى ما لا نهاية.
لكن المجلس الانتقالي ما كان له يان يتجاهل كل تلك المعاناة، لأن أساس قيامه هو من اجل ان ينهي تلك المعاناة وان يحدث تغير فعلي و حقيقي في حياة المواطن الجنوبي وان يكون شريك أساسي معه في تحقيق كل آماله وطموحه.
الإدارة المحلية للجنوب هو حق اصيل لأبناء الجنوب، وكفى مماطلة وانتظار، لأن الجنوب كل الجنوب هو للجنوبيين فقط، وقد اثبتت التجارب ان كل من أدار الجنوب من الشماليين ترك خلفه كوارث اقتصادية وفشل إداري وتضخم هائل لمنظومة الفساد، حتى وان تم وضع شخص جنوبي كالصورة في الواجهة كان دائما يبقى الحكم الحقيقي للشماليين المتنفذين في مفاصل الدولة، كان الجنوب يعاني اكثر مما ينبغي، لذا جاء تحرك المجلس الانتقالي من أجل كف الأذى عن الجنوب ورفع تلك المعاناة، فمن كان يشاهد تلك السيول وهي تجتاح عدن وتهدم المنازل وتقتل النساء والأطفال دون ان يحرك ساكنا ما هو إلا نظام قد تجرد من كل معاني الإنسانية، كما ان السيول لم تشفي غليلهم فاستمروا بقطع التيار الكهربائي عن الجميع دون أي سبب يذكر، لم يخرج أي مسئول في الشرعية حتى يتحدث عن تلك المعاناة او يحرك تلك الموارد التي يستنزفونها من الجنوب وتسخريها لمساعدة المتضررين، بل استمروا بالمشاهدة وبكثير من التشفي، حتى تحرك المجلس الانتقالي ليعيد خلال ساعات قليلة التيار الكهربائي لمعظم احياء عدن، حينها فقط اهتزت اركانهم من اعلى هرم في سلطة هادي حتى أصغر صغيرهم ليتحدثوا عن ان ما يقوم به المجلس الانتقالي هو تمرد على الشرعية وان عملهم هذا يضر بالقضية الجنوبية، القضية الجنوبية التي لا يوجد لها حل في نظرهم إلا ان يكون الجنوب تحت سلطتهم فقط.
المجلس الانتقالي اتخذ قرار لا يقل أهمية عن قرار طرد الشرعية من عدن ومن محافظات الجنوب، وما كان أتفاق الرياض إلا حالة تجلي ارغم تنظيم الإصلاح بالرضوخ لها بعد ان ماطل قبل التوقيع لأربع أشهر ، ثم القوا هذه بهذه الاتفاقية في سلة المهملات مع ممارسة اقسى أنواع العقاب للجنوبين، تزامنت هذه الأعمال الانتقامية مع تسليم محافظة شمالية كبيرة ألا وهي الجوف الى الحوثيين دون اية مقاومة، وعوضا عن إعادة رص الصفوف من جديد ومحاولة استرداد تلك المحافظة استمروا بإرسال المعدات والعساكر والجنود إلى المحافظات الجنوبية مع هجمات إعلامية ضخمة بأنهم على وشك اقحام عدن وغزوها من جديد، كل ما كان يحدث بعد اتفاق الرياض امر مربك، فتعطيل الشرعية لاتفاقية الرياض والتحشيد العسكري والتهديد المستمر مع تجميد كافة الخدمات امر ما كان يستدعي الصبر عليه أكثر وخاصة انه بات للجنوبيين قوة عسكرية وسياسية معترف بها.
ما قام به المجلس الانتقالي هو امر مبارك ومدعوم بالكامل من كل الجنوبيين، وامام الشرعية خيار واحد فقط إلا وهو تطبيق اتفاقية الرياض والتوجه إلى الجبهات في الشمال لتحريرها من الاحتلال الحوثي، اما الجنوب فهو محرر وهو بيد أبناؤه ولا خوف عليه.