مشعل السديري يكتب:

الذي لا يدخل العقل

الاعتراف بالحق فضيلة، لهذا أنا أعترف بأنني لست متفقهاً في الدين كما يجب، وأردّ الأمور دائماً في هذا المجال إلى أهلها من العلماء والمشايخ.

وكنت أعتقد وأظن مع السواد الأعظم من الناس أن الصيام في يوم عرفة، والعشرين من ذي الحجة، وقص الأظافر والشعر، هي فرض واجب، إلى أن جاءني «واتساب» من أحدهم، وفيه الشيخ الدكتور مبروك عطية يرد على أحد السائلين ويقول ما معناه إن هذه مندوبة ومباحة ولكنها ليست فرضاً، والرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر...»، والصدقة أفضل العبادات مع مزيد من الدعاء والابتهالات في هذا اليوم الفضيل.

***
بعض مشايخنا الأفاضل يدلون أحياناً بأقوال لا تستقيم مع المنطق ولا تدخل العقل، ويعدّونها حقائق مسلّماً بها، مع أن مثل تلك الأقوال ليسوا مطالبين بها، وتبتعد نهائياً عن رسالتهم المؤتمَنين عليها.

ومن محبتي وتقديري للداعية الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة، تمنيت أن يبتعد وألا يدخل في متاهات كلام أشبه بالخرافات، على أساس أنها حقائق لا يخرّ منها الماء.

وأذكر أنني كنت أشاهد برنامجه «الأبواب المتفرقة» على قناة «MBC»، أمام حشد من الشباب والصبيان الذين يُعدّون بالمئات وهم متحلقون حول كرسيّه الجالس عليه، ومن ضمن ما قال: «إن طول النبي آدم، عليه السلام، عندما هبط على الأرض كان قرابة 30 متراً»!! 

ثم قال: «إن آدم عندما هبط على الأرض لم يكن عليها إلاّ الحوت والنسر»، مبيناً أن النسر عندما رأى آدم يمشي على رجليه ويعمل بيديه ذهب إلى الحوت ليخبره، فقال له الحوت: إذا كان حقاً ما تقول فليس لي ولك في الأرض معاش – انتهى.

والشيخ الجليل لم يورد المصادر التي استند إليها. وحسب علمي المحدود فإنني لم أجد لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الشريفة الصحيحة ما يدعم ما قاله، ومن الصعب أن أقول عنها إنها مجرد كلمات تطير في الهواء، ما عدا نزول آدم إلى الأرض عقاباً له.

وإنني على شبه يقين أن عدداً كبيراً من المستمعين إليه قد دخلت وترسخت تلك الأقوال في تلافيف عقولهم.