الحبيب الأسود يكتب:
العلاقات السعودية الإماراتية غير قابلة للكسر
العلاقات السعودية الإماراتية على أحسن ما يرام وفي أفضل حالاتها، هذا ما يمكن استخلاصه من المواقف الصادرة عن مسؤولي الدولتين رغم محاولات بعض الأطراف المعادية الإيحاء بغير ذلك، خصوصا في ظل تجنيد أخصائيين واقعيين وافتراضيين، وصرف الملايين من الدولارات عليهم، فقط من أجل التشكيك في صلابة ومتانة وصدقية وإستراتيجية تلك العلاقات.
خلال زيارة أديتها إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مهرجان ثقافي، وهو مهرجان سوق عكاظ بالطائف، أدركت مدى اعتزاز المزاج الشعبي السعودي العام بالعلاقات مع دولة الإمارات، وفي ذلك ما يؤكد أن التعاون والتكامل والتضامن والتحالف ليست سياسات مسقطة من قيادتي البلدين، ولكنها حقيقة يفرضها التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك والقراءة الموضوعية للواقع الإقليمي والدولي، وفوق كل ذلك المزاج الشعبي الذي يشعرك بدفء العاطفة المشتركة بين أبناء البلدين، وهو ما كان عبر عنه الأمير خالد الفيصل، مستشار الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأمير مكة، عندما قال إن السعودي إماراتي والإماراتي سعودي، وما بينهما عصيّ عن القطع.
حكومتا البلدين وجهتا خلال الأيام الأخيرة رسائل عدة، مفادها أن العلاقات بين البلدين غير قابلة للكسر، وأن الصائدين في المياه العكرة سيخسرون جميع رهاناتهم على الإساءة إليها.
أبرز تلك الرسائل ما ورد في البيان المشترك بين خارجيتي الدولتين، والذي كان واضحا في الإشارة إلى “مجريات ومستجدات التطورات السياسية والعسكرية عقب الأحداث التي وقعت في عاصمة الجمهورية اليمنية المؤقتة، عدن، بتاريخ 6 ذو الحجة 1440 هجريا وما تلا ذلك من أحداث امتدت إلى محافظتي أبين وشبوة، في وقت رحبت فيه الحكومة اليمنية والأطراف التي نشب بينها النزاع بالوقف الفوري لإطلاق النار وقيامها بتسليم المقرات المدنية في عدن للحكومة الشرعية تحت إشراف قوات التحالف والترحيب بدعوة المملكة للحوار في جدة حيث “وإزاء ذلك فإن حكومتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وانطلاقا من مسؤوليتهما في تحالف دعم الشرعية في اليمن لإنقاذ اليمن وشعبه من انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، تؤكدان على استمرار كافة جهودهما السياسية والعسكرية والإغاثية والتنموية بمشاركة دول التحالف التي نهضت لنصرة الشعب اليمني”، معربتين “عن رفضهما واستنكارهما للاتهامات وحملات التشويه التي تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة على خلفية تلك الأحداث، مذكرين الجميع بالتضحيات التي قدمتها قوات التحالف على أرض اليمن بدافع من الروابط الأخوية الصادقة وصلة الجوار والحفاظ على أمن المنطقة ورخاء شعوبها ومصيرهم المشترك”.
إلى هنا، يبدو الأمر واضحا، ولا يحتمل أي لبس، وكل من يتابع المشهد، خاصة من خارجه، يدرك أن العلاقات السعودية الإماراتية أكبر بكثير مما يعتقد المستاءون من عمقها، فهي علاقات إستراتيجية ومصيرية وتنظر إلى المستقبل، ربما إلى ما بعد عقود من الآن، بالتفكير الجدي في مستقبل الأجيال القادمة، إلى جانب اهتمامها بمستجدات الراهن، وانصبابها على مواجهة مخاطر وتهديدات جدية لا تستهدف البلدين فحسب، وإنما المنطقة العربية بشكل عام، لعل من أبرزها الأطماع الإقليمية ذات المناحي العنصرية المعادية للعرب، واتساع عنف الميليشيات الطائفية، ومؤامرات الإسلام السياسي بمختلف تياراته، إلى جانب رهانات التنمية والإنتاج والاكتفاء الذاتي ومواكبة التحولات التي تعصف بالعالم، سواء كانت تكنولوجية وعلمية أو اقتصادية أو ثقافية واجتماعية أو مناخية أو غيرها.
إذن، للبلدين ما يفعلان جديّا خارج إطار الخلافات المزعومة، وللحكومتين برامج عمل تتجاوز الأوهام التي يحاول البعض ترسيخها في أذهان البسطاء. يكفي هنا أن أشير إلى البرنامج التدريبي الأول للخدمات الحكومية، المنعقد بالرياض بهدف بناء وتطوير وتعزيز قدرات موظفي الخدمات الحكومية في المملكة العربية السعودية، وفق معايير خدمية نوعية، وذلك في إطار الشراكة والتكامل ضمن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
وقد تضمن البرنامج مجموعة من التطبيقات العملية وورش العمل التفاعلية، وركزت الجلسات التدريبية على محاور عدة أهمها: تعريف سعادة المتعاملين، ورحلة وتجربة المتعامل، وأساليب وفنون التدريب، وإسعاد الموظف”.
يبقى أن محاولات بث الإشاعات المناوئة، ليست حالة عفوية أو معزولة، وإنما تقف وراءها جهات يعرفها القاصي والداني، تمولها دول وجهات حكومية مكشوفة للعيان، وتتحرك من داخل تلك الدول أو من دول أخرى يبدو أنها غير متمسكة بأواصر الأخوة ولا باتفاقيات العمل المشترك، أو غير مدركة لطبيعة العلاقات السعودية الإماراتية التي هي اليوم أقرب إلى اتحاد غير معلن في مختلف مجالات العمل، وخاصة من حيث الرؤية الإستراتيجية التي بدأت نتائجها الإيجابية تظهر في البلدين وفي المنطقة عموما.