فاروق يوسف يكتب:

عدن ليست صنعاء والإخوان هم الوجه الآخر للحوثيين

ما حدث في عدن يكشف عن الوجه القبيح لما يُسمى بـ"الشرعية" التي تسعى إلى إلهاء اليمنيين بحروب عبثية لا معنى لها لتجد مبررا لعجزها عن مواجهة الحقيقة المرة القائمة في صنعاء. هناك حيث تتمرس قوى لا شرعية بقوة السلاح الإيراني من أجل صناعة واقع لا يمت للحقيقة بصلة.

ما كان واضحا ومنذ أن سيطر المجلس الانتقالي على عدن أن ليس هناك ما يمكن اعتباره انقلابا على "الشرعية". بل أن الجنوبيين سعوا إلى تحرير تلك "الشرعية" من قيود الجماعة الاخوانية التي يمثلها حزب الإصلاح. ما لا تنكره "الشرعية" نفسها من خلال سلوكها أنها مخترقة وأن قراراتها ليست وطنية خالصة وأن هناك قوى تقف بينها وبين أن تكون حرة ومستقلة في فهم حاجة المواطن اليمني في الجنوب إلى الشعور بوجود الدولة.

ولأن دولة "الشرعية" غائبة في عدن وحلت محلها مؤسسات يديرها الاخوان بما يتناسب مع أجنداتهم ومشروعهم الخفي الذي لا صلة له بالحرب من أجل انهاء هيمنة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى فقد كان واجبا على المجلس الانتقالي أن ينهي تلك الأوضاع الشاذة من خلال وضع "الشرعية" في مواجهة حقيقة هروبها من واجباتها واكتفائها بالامتيازات وترك الأمور بيد الجماعة الاخوانية.

لقد سبق للجنوبيين أن حذروا من مغبة الاستمرار في ذلك الوضع الشاذ. ولم تتزعزع ثقتهم بالحكومة الشرعية إلا بعد أن لمسوا لمس اليد أن تلك الحكومة التي هي طرف أساس في الحرب ضد الارهاب الحوثي تحتضن الإرهابيين من خلال استسلامها لحزب الإصلاح الاخواني.

فلا فرق بين الحوثيين والاخوان في النظر إلى المسألة اليمنية.

كلا الطرفين لا يملكان مشروعا يمنيا خالصا. وهما إذ يتحاربان فإنهما يرغبان في الوصول إلى لحظة تكون فيه اليمن خالصة لهما ليخططا إلى اقتسامها بينهما في ظل رعاية إيرانية.

فالإخوان ليسوا أعداء للمشروع الإيراني في المنطقة. هناك الكثير من عناصر الاتفاق بينهم وبين إيران، في مقدمتها عدم الإيمان بضرورة أن يكون لليمنيين دولتهم المستقلة.

لذلك فإن الانتفاضة العدنية كانت عبارة عن صحوة في محيط حاولت "الشرعية" أن تغيبه في نوم، كانت مادته وقائع مزيفة واستقواء باعتراف دولي لا يقوم على حقيقة ما يجري على الأرض.

كان من الأولى أن تضع "الشرعية" جهودها كلها في خدمة هدف واحد هو تحرير صنعاء. عاصمة اليمن الموحد الذي تمثله على المستوى الدولي بدلا من أن تحارب في عدن وسواها من المحافظات الجنوبية التي لا تقع ضمن خارطة الحرب المعلنة على الإرهاب.

اما وقد حاربت في عدن فسيكون علينا أن نعترف أنها كانت مضطرة لذلك بسبب سيطرة الاخوان عليها. وهو ما يمكن أن يشكل سببا مضافا لاستماتة الجنوبيين في الدفع عن قرارهم المستقل.

بالنسبة للجنوبيين الذين خاضوا حروبا مؤلمة فإن الحرب على الإخوان هي حربهم الحقيقية ضد الإرهاب. لذلك كانت صدمتهم بموقف الحكومة الشرعية عظيمة. مرة أخرى تخذلهم "الشرعية" لتقول لهم أنهم كانوا على حق في خيارهم الذي سماه الآخرون "خيارا انفصاليا".

سؤال من نوع "لمَ تحارب ’الشرعية‘ في عدن وتترك صنعاء؟" لا يمكن أن تجيب عليه "الشرعية".

لقد قرر الجنوبيون أن يديروا شؤونهم بأنفسهم. ما العيب في ذلك؟ أكان ضروريا بالنسبة للشرعية أن يهيمن الإخوان على عدن؟ هذا ما يرفضه اليمنيون وعبروا عنه من خلال استعادتهم لمؤسسات الدولة التي هي دولتهم وليست دولة الإخوان.

ما يجب أن يوضع على طاولة الحوار المرتقب في الرياض أن عدن ليست صنعاء. وإذا ما كانت الحكومة ترغب في استعادة شرعيتها فإن عليها أن تقاتل في صنعاء لا في عدن.